وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعن الشافعي أن هذا للاستحباب ولتقتدي به الأمة وهو عام للرسول وغيره تطييبا لنفوس أصحابه ورفعا لأقدارهم وروي مثله عن قتادة والربيع وابن إسحاق . ورد هذا أبو بكر أحمد بن علي الرازي الحنفي بالجصاص بقوله : لو كان معلوما عندهم أنهم إذا استفرغوا جهدهم في استنباط الصواب عما سئلوا عنه ثم لم يكن معمولا به لم يكن في ذلك تطييب لنفوسهم ولا رفع لأقدارهم بل فيه إيحاشهم فالمشاورة لم تفقد شيئا فهذا تأويل ساقط . وقال النووي في صدر كتاب الصلاة م شرح مسلم : الصحيح عندهم وجوبها وهو المختار . وقال الفخر : ظاهر الأمر أنه للوجوب . ولم ينسب العلماء للحنفية قولا في هذا الأمر إلا أن الجصاص قال في كتابه أحكام القرآن عند قوله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) : هذا يدل على جلالة موقع المشورة لذكرها مع الإيمان وإقامة الصلاة ويدل على أننا مأمورون بها . ومجموع كلامي الجصاص يدل أن مذهب أبي حنيفة وجوبها .
ومن السلف من ذهب إلى اختصاص الوجوب بالنبي A قاله الحسن وسفيان وإنما أمر بها ليقتدي به غيره وتشيع في أمته وذلك فيما لا وحي فيه . وقد استشار النبي A أصحابه في الخروج لبدر وفي الخروج إلى أحد وفي شأن السرى يوم بدرا واستشار عموم الجيش في رد سبي هوازن .
والظاهر أنها لا تكون في الأحكام الشرعية لأن الأحكام إن كانت بوحي فظاهر وإن كانت اجتهادية بناء على جواز الاجتهاد للنبي A في الأمور الشرعية فالاجتهاد إنما يستند للأدلة لا للآراء وإذا كان المجتهد من أمته لا يستشير في اجتهاده فكيف تجب الاستشارة على النبي A مع أنه لو اجتهد وقلنا بجواز الخطإ عليه فإنه لا يقر على خطإ باتفاق العلماء . ولم يزل من سنة خلفاء العدل استشارة أهل الرأي في مصالح المسلمين قال البخاري في كتاب الاعتصام من صحيحه " وكانت الأئمة بعد النبي A يستشيرون الأمناء من أهل العلم وكان القراء أصحاب مشورة عمر : كهولا أو شبانا وكان وقافا عند كتاب الله " . وأخرج الخطيب عن علي قال : " قلت : يا رسول الله الأمر ينزل بعدك لم ينزل فيه القرآن ولم يسمع منك فيه شيء قال : اجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد " . واستشار أبو بكر في قتال أهل الردة وتشاور الصحابة في أمر الخليفة بعد وفاة النبي A وجعل عمر Bه الأمر شورى بعده في ستة عينهم وجعل مراقبة الشورى لخمسين من الأنصار وكان عمر يكتب لعماله يأمرهم بالتشاور ويتمثل لهم في كتبه بقول الشاعر ( لم أقف على أسمه ) : .
خليلي ليس الرأي في صدر واحد ... أشيرا علي بالذي تريان هذا والشورى مما جبل الله عليه الإنسان في فطرته السليمة أي فطرة على محبة الصلاح وتطلب النجاح في المساعي ولذلك قرن الله تعالى خلق أصل البشر بالتشاور في شأنه إذ قال للملائكة ( إني جاعل في الأرض خليفة ) إذ قد غني الله عن إعانة المخلوقات في الرأي ولكنه عرض على الملائكة مراده ليكون التشاور سنة في البشر ضرورة أنه مقترن بتكوينه فإن مقارنة الشيء للشيء في أصل التكوين يوجب إلفه وتعارفه . ولما كانت الشورى معنى من المعاني لا ذات لها في الوجود جعل الله إلفها للبشر بطريقة المقارنة في وقت التكوين . ولم تزل الشورى في أطوار التاريخ رائجة في البشر فقد استشار فرعون في شأن موسى عليه السلام فيما حكى الله عنه بقوله ( فماذا تأمرون ) . واستشارت بلقيس في شأن سليمان عليه السلام فيما حكى الله عنها بقوله ( قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون ) وإنما يلهي الناس عنها حب الاستبداد وكراهية سماع ما يخالف الهوى وذلك من انحراف الطبائع وليس من أصل الفطرة ولذلك يهرع المستبد إلى الشورى عند المضائق . قال ابن عبد البر في بهجة المجالس : الشورى محمودة عند عامة العلماء ولا أعلم أحدا رضي الاستبداد إلا رجل مفتون مخادع لمن يطلب عنده فائدة أو رجل فاتك يحاول حين الغفلة وكلا الرجلين فاسق . ومثل أولهما قول عمر بن أبي ربيعة : .
واستبدت مرة واحدة ... إنما العاجز من لا يستبد ومثل قول سعد بن ناشب :