وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ) تعليل أول ل ( أثابكم ) أي ألهاكم بذلك الغم لئلا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة وما أصابكم من القتل والجراح فهو أنساهم بمصيبة صغيرة مصيبة كبيرة وقيل : ( لا ) زائدة والمعنى : لتحزنوا فيكون زيادة في التوبيخ والتنديم إن كان قوله " أثابكم " تهكما أو المعنى فأثابكم الرسول غما على ما فاتكم : أي سكت عن تثريبكم ولم يظهر لكم إلا الاغتمام لأجلكم لكيلا يذكركم بالتثريب حزنا على ما فاتكم فأعرض عن ذكره جبرا لخواطركم . وقيل : المعنى أصابكم بالغم الذي نشأ عن الهزيمة اعتادوا نزول المصائب فيذهب عنكم الهلع والجزع عند النوائب .
وفي الجمع بين ( ما فاتكم ) و ( ما أصابكم ) طباق يؤذن بطباق آخر مقدر لأن ما فات هو من النافع وما أصاب هو من الضار .
( ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم ) الضمير في قوله " ثم انزل " ضمير أسم الجلالة وهو يرجح كون ضمير ( أثابكم ) مثله لئلا يكون هذا رجوعا إلى سياق الضمائر المتقدمة من قوله ( ولق صدقكم الله وعده ) والمعنى ثم أغشاكم بالنعاس بعد الهزيمة . وسمي الأغشاء إنزالا لأنه لما كان نعاسا مقدرا من الله لحكمة خاصة كان كالنازل من العوالم المشرفة كما يقال : نزلت السكينة .
والأمنة بفتح الميم الأمن والنعاس : النوم الخفيف أو أول النوم وهو يزيل التعب ولا يغيب صاحبه فلذلك كان أمنة إذ لو ناموا ثقيلا لأخذوا قال أبو طلحة الأنصاري والزبير وأنس بن مالك : غشينا نعاسا حتى أن السيف ليسقط من يد أحدنا . وقد استجدوا بذلك نشاطهم ونسوا حزنهم لأن الحزن تبتدئ خفته بعد أول نومة تعفيه كما هو مشاهد في أحزان الموت وغيرها . و ( نعاسا ) بدل على ( أمنة ) بدل مطابق .
وكان مقتضى الظاهر أن يقدم النعاس ويؤخر أمنة : لأن أمنة بمنزلة الصفة أو المفعول لأجله فحقه التقديم على المفعول كما جاء في آية الأنفال ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ) ولكنه قدم المنة هنا تشريفا لشأنها لأنها جعلت كالمنزل من الله لنصرهم فهو كالسكينة فناسب أن يجعل هو مفعول أنزل ويجعل النعاس بدلا منه .
وقرأ الجمهور : يغشى بالتحتية على أن الضمير عائد إلى نعاس وقرأه حمزة والكسائي وخلف بالفوقية بإعادة الضمير إلى أمنة ولذلك وصفها بقوله ( منكم ) .
( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ) لما ذكر حال طائفة المؤمنين تخلص منه لذكر حال طائفة المنافقين كما علم من المقابلة ومن قوله " يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية " ومن ترك وصفها بمنكم وصف الأولى .
( وطائفة ) مبتدأ وصف بجملة ( قد أهمتهم أنفسهم ) . وخبره جملة ( يظنون بالله غير الحق ) والجملة من قوله ( وطائفة قد أهمتهم ) إلى قوله ( والله عليم بذات الصدور ) اعتراض بين جملة ( ثم أنزل عليكم ) الآية . وجملة ( الذين تولوا منكم ) الآية .
ومعنى ( أهمتهم أنفسهم ) أي حدثتهم أنفسهم بما يدخل عليهم الهم وذلك بعدم رضاهم بقدر الله وبشدة تلهفهم على ما أصابهم وتحسرهم على ما فاتهم مما يظنونه منجيا لهم لو عملوه : أي من الندم على ما فات إذ كانوا كذلك كانت نفوسهم في اضطراب بمنعهم من الاطمئنان ومن المنام وهذا كقوله الآتي ( ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم ) . وقيل معنى ( أهمتهم ) أدخلت عليهم الهم بالكفر والارتداد وكان رأس هذه الطائفة معتب بن قشير .
A E