وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والفشل : الوهن والإعياء والتنازع : التخالف والمراد بالعصيان هنا عصيان أمر الرسول وقد رتبت الفعال الثلاثة في الآية على حسب ترتيبها في الحصول إذ كان الفشل وهو ضجر بعض الرماة من ملازمة موقفهم للطمع في الغنيمة قد حصل أولا فنشأ عنه التنازع بينهم في ملازمة الموقف وفي اللحاق بالجيش للغنيمة ونشأ عن التنازع تصميم معظمهم على مفارقة الموقف الذي أمرهم الرسول E بملازمته وعدم الانصراف منه وهذا هو الأصل في ترتيب الأخبار في صناعة الإنشاء ما لم يقتض الحال العدول عنه .
والتعريف في قوله ( في الأمر ) عوض عن المضاف إليه أي في أمركم أي شأنكم .
ومعنى قوله ( من بعد ما أراكم ما تحبون ) أراد به النصر إذ كانت الريح أول يوم أحد للمسلمين فهزموا المشركين وولوا الأدبار حتى شوهدت نساؤهم مشمرات عن سوقهن في أعلى الجبل هاربات من الأسر وفيهن هند بنت عتبة ابن ربيعة امرأة أبي سفيان فلما رأى الرماة الذين أمرهم الرسول أن يثبتوا لحماية ظهور المسلمين الغنيمة التحقوا بالغزاة فرأى خالد بن الوليد وهو قائد خيل المشركين يومئذ غرة من المسلمين فأتاهم من ورائهم فانكشفوا واضطرب بعضهم في بعض وبادروا الفرار وانهزموا فلذلك قوله تعالى ( من بعدها أراكم ما تحبون ) فيكون المجرور متعلقا بفشلهم . والكلام على هذا تشديد في الملام والتنديم .
والأظهر عندي أن يكون معنى ما تحبون هو الغنيمة فإن المال محبوب فيكون المجرور يتنازعه كل من ( فشلتم وتنازعتم وعصيتم ) وعدل عن ذكر الغنيمة باسمها إلى الموصول تنبيها على أنهم عجلوا في طلب المال المحبوب والكلام على هذا تمهيدا لبساط المعذرة إذ كان فشلهم وتنازعهم وعيانهم عن سبب من أغراض الحرب وهو المعبر عنه ب ( إحدى الحسنيين ) ولم يكن ذلك عن جبن ولا عن ضعف إيمان أو قصد خذلان المسلمين وكله تمهيد لما يأتي من قوله ( ولقد عفا عنكم ) .
وقوله ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ) تفصيل لتنازعتم وتبيين ل ( عصيتم ) وتخصيص له بأن العاصين بعض المخاطبين المتنازعين إذ الذين أرادوا الآخرة ليسوا بعاصين ولذلك أخرت هاته الجملة إلى بعد الفعلين وكان مقتضى الظاهر أن يعقب بها قوله ( وتنازعتم في الأمر ) وفي هذا الموضع للجملة ما أغنى عن ذكر ثلاث جمل وهذا من أبدع وجوه الإعجاز والقرينة واضحة .
والمراد بقوله ( منكم من يريد الدنيا ) إرادة نعمة الدنيا وخيرها وهي الغنيمة لأن من أراد الغنيمة لم يحرص على ثواب الامتثال لأمر الرسول بدون تأويل وليس هو مفرطا في الآخرة مطلقا ولا حاسبا تحصيل خير الدنيا في فعله ذلك مفيتا عليه ثواب الآخرة في غير ذلك الفعل فليس في هذا الكلام ما يدل على أن الفريق الذين أرادوا ثواب الدنيا قد ارتدوا عن الإيمان حينئذ إذ ليس الحرص على تحصيل فائدة دنيوية من فعل من الأفعال مع عدم الحرص على تحصيل ثواب الآخرة ن ذلك الفعل بدال على استخفاف بالآخرة وإنكار لها كما هو بين ولا حاجة إلى تقدير : منكم من يريد الدنيا فقط . وإنما سميت من خالف أمر الرسول عصيانا مع أن تلك المخالفة كانت عن اجتهاد لا عن استخفاف إذ كانوا قالوا : إن رسول الله أمرنا بالثبات هنا لحماية ظهور المسلمين فلما نصر الله المسلمين فما لنا وللوقوف هنا حتى تفوتنا الغنائم فكانوا متأولين فإنما سميت هنا عصيانا لأن المقام ليس مقام اجتهاد فإن شأن الحرب الطاعنة للقائد من دون تأويل أو لأن التأويل كان بعيدا فلم يعذروا فيه أو لأنه كان تأويلا لإرضاء حب المال فلم يكن مكافئا لدليل وجوب طاعة الرسول .
وإنما قال ( ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ) ليدل على أن ذلك الصرف بإذن الله وتقديره كما كان القتل بإذن الله وأن حكمته الابتلاء ليظهر للرسول وللناس من ثبت على الإيمان من غيره ولأن في الابتلاء أسرارا عظيمة في المحاسبة بين العبد وربه سبحانه وقد أجمل هذا الابتلاء هنا وسيبينه .
A E