وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله تعالى ( وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا ) الآية عطف على ( فما وهنوا ) لأنه لما وصفهم برباط الجأش وثبات القلب وصفهم بعد ذلك بما يدل على الثبات من أقوال اللسان التي تجري عليه عند الاضطراب الجزع أي أن ما أصابهم لم يخالجهم بسببه تردد في صدق وعد الله ولا بدر منهم تذمر بل علموا أن ذلك لحكمة يعلهما سبحانه أو لعله كان جزاء على تقصير منهم في القيام بواجب نصر دينه أو في الوفاء بأمانة التكليف فلذلك ابتهلوا إليه عند نزول المصيبة بقولهم ( ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ) خشية أن يكون ما أصابهم جزاء على ما فرط منهم ثم سألوه النصر وأسبابه ثانيا فقالوا ( وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ) فلم يصدهم ما لحقهم من الهزيمة عن رجاء النصر وفي الموطأ عن رسول الله A " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول : وعوت فلم يستجب لي " فقصر قولهم في تلك الحالة التي يندر فيها صدور مثل هذا القول على قولهم ( ربنا أغفر لنا ) إلى آخره فصيغة القصر في قوله ( وما كان إلا أن قالوا ) قصر إضافي لرد اعتقاد من قد يتوهم أنهم قالوا أقوالا تنبئ عن الجزع أو الهلع أو الشك في النصر أو الاستسلام للكفار . وفي هذا القصر تعريض بالذين جزعوا من ضعفاء المسلمين أو المنافقين فقال قائلهم : لو كلمنا عبد الله بن أبي يأخذ لنا أمانا من أبي سفيان .
وقدم خبر ( كان ) على اسمها في قوله ( وما كان قولهم إلا أن قالوا ) لأنه خبر عن مبتدأ محصور لأن المقصود حصر أقوالهم حينئذ في مقالة ( ربنا أغفر لنا ذنوبنا ) فالقصر حقيقي لأنه لقولهم الصادر منهم حين حصول ما أصابهم في سبيل الله فلذلك القيد ملاحظ من المقام نظير القصر في قوله تعالى ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) فهو قصر حقيقي مقيد بزمان خاص تقييدا منطوقا به وهذا أحسن من توجيه تقديم الخبر في الآية بأن المصدر المنسبك المؤول أعرف من المصدر الصريح لدلالة المؤول على النسبة وزمان الحدث بخلاف إضافة المصدر الصريح وذلك جائز في باب ( كان ) في غير صيغ القصر وأما في الحصر فيتعين تقديم المحصور .
والمراد من الذنوب جميعها وعطف عليه بعض الذنوب وهو المعبر عنه هنا بالإسراف في الأمر والإسراف هو الإفراط وتجاوز الحد فلعله أريد به الكبائر من الذنوب كما نقل عن أبن عباس وجماعة وعليه فالمراد بقوله : أمرنا أي ديننا وتكليفنا فيكون عطف خاص للاهتمام بطلب غفرانه وتمحض المعطوف عليه حينئذ لبقية الذنوب وهي الصغائر . ويجوز عندي أن يكون المراد بالإسراف في المر التقصير في شأنهم ونظامهم فيما يرجع إلى أهبة القتال والاستعداد له أو الحذر من العدو وهذا الظاهر من كلمة أمر بأن يكونوا شكوا أن يكون ما أصابهم من هزيمتهم في الحرب مع عدوهم ناشئا عن سببين : باطن وظاهر فالباطن هو غضب الله عليهم من جهة الذنوب والظاهر هو تقصيرهم في الاستعداد والحذر وهذا أولى من الوجه الأول .
وقوله ( فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة ) إعلام بتعجيل إجابة دعوتهم لحصول خيري الدنيا والآخرة فثواب الدنيا هو الفتح والغنيمة وثواب الآخرة هو ما كتب لهم من حسن عاقبة الآخرة ولذلك وصفه بقوله ( وحسن ثواب الآخرة ) لأنه خير وأبقى وتقدم الكلام على الثواب عند قوله تعالى في سورة البقرة ( لمثوبة من الله خير ) .
وجملة ( والله يحب المحسنين ) تذييل أي يحب كل محسن وموقع التذييل يدل على أن المتحدث عنهم من الذين أحسنوا فاللام للجنس المفيد معنى الاستغراق وهذه من أكبر الأدلة على أن " ال " الجنسية إذا دخلت على جمع أبطلت منه معنى الجمعية وأن الاستغراق المفاد من " ال " إذا كان مدخولها مفردا وجملة سواء .
( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين [ 149 ] بل الله مولاكم وهو خير الناصرين [ 150 ] ) استئناف ابتدائي للانتقال من التوبيخ واللوم والعتاب إلى التحذير ليتوسل منه إلى معاودة التسلية على ما حصل من الهزيمة وفي ضمن ذلك كله من الحقائق الحكمية والمواعظ الأخلاقية والعبر التاريخية ما لا يحصل مريد إحصائه .
A E