وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما كان أول أغراض هذه السورة الذي نزلت فيه هو قضية مجادلة نصارى نجران حين وفدوا إلى المدينة وبيان فضل الإسلام على النصرانية لا جرم افتتحت بحروف التهجي المرموز لها إلى تحدي المكذبين بهذا الكتاب وكان الحظ الأوفر من التكذيب بالقرآن للمشركين منهم ثم للنصارى من العرب ؛ لأن اليهود الذين سكنوا بلاد العرب فتكلموا بلسانهم لم يكونوا معدودين من أهل اللسان ويندر فيهم البلغاء بالعربية مثل السموأل وهذا وما بعده إلى قوله ( إن الله اصطفى آدم ونوحا ) تمهيد لما نزلت السورة بسببه وبراعة استهلال لذلك .
وتقدم القول في معاني ( آلم ) أول البقرة .
( الله لا إله إلا هو الحي القيوم [ 2 ] نزل عليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل [ 3 ] من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان ) ابتدئ الكلام بمسند إليه خبره فعلي : لإفادة تقوية الخبر اهتماما به .
وجيء بالاسم العلم : لتربية المهابة عند سماعه ثم أردف بجملة ( لا إله إلا هو ) جملة معترضة أو حالية ردا على المشركين وعلى النصارى خاصة . وأتبع بالوصفين ( الحي القيوم ) لنفي اللبس عن مسمى هذا الاسم والإيماء إلى وجه انفراده بالإلهية وأن غيره لا يستأهلها ؛ لأنه غير حي أو غير قيوم فالأصنام لا حياة لها وعيسى في اعتقاد النصارى قد أميت فما هو الآن بقيوم ولا هو في حال حياته بقيوم على تدبير العالم وكيف وقد أوذي في الله وكذب واختفى من أعدائه . وقد مضى القول في معنى ( الحي القيوم ) في تفسير آية الكرسي .
وقوله ( نزل عليك الكتاب ) خبر عن اسم الجلالة . والخبر هنا مستعمل في الامتنان أو هو تعريض ونكاية بأهل الكتاب : الذين أنكروا ذلك . وجيء بالمسند فعلا لإفادة تقوية الخبر أو للدلالة مع ذلك على الاختصاص : أي الله لا غيره نزل عليك الكتاب إبطالا لقول المشركين : إن القرآن من كلام الشيطان أو من طرائق الكهانة أو يعلمه بشر .
والتضعيف في ( نزل ) للتعدية فهو يساوي الهمز في أنزل وإنما التضعيف يؤذن بقوة الفعل في كيفيته أو كميته في الفعل المتعدي بغير التضعيف من أجل أنهم قد أتوا ببعض الأفعال المتعدية للدلالة على ذلك كقولهم : فسر وفسر وفرق وفرق وكسر وكسر كما أتوا بأفعال قاصرة بصيغة المضاعفة دون تعدية للدلالة على قوة الفعل كما قالوا : مات وموت وصاح وصيح . فإما إذا صار التضعيف للتعدية فلا أوقن بأنه يدل على تقوية الفعل إلا أن يقال : إن العدول عن التعدية بالهمز إلى التعدية بالتضعيف بقصد ما عهد في التضعيف من تقوية معنى الفعل فيكون قوله ( نزل عليك الكتاب ) أهم من قوله ( وأنزل التوراة ) على عظم شأن نزول القرآن وقد بينت ذلك مستوفى في المقدمة الأولى من هذا التفسير ووقع في الكشاف هنا وفي مواضع متعددة أن قال : إن نزل يد على التنجيم وإن أنزل يدل على أن الكتابين أنزلا جملة واحدة وهذا لا علاقة له بمعنى التقوية المدعى للفعل المضاعف إلا أن يعني أن نزل مستعمل في لازم التكثير وهو التوزيع ورده أبو حيان بقول تعالى ( وقال الذين كفروا لولا نزل عليك القرءان جملة واحدة ) فجمع بين التضعيف وقوله ( جملة واحدة ) . وأزيد أن التوراة والإنجيل نزلا مفرقين كشأن كل ما ينزل على الرسل في مدة الرسالة وهو الحق ؛ إذ لا يعرف أن كتابا نزل على رسوله دفعة واحدة . والكتاب : القرآن . والباء في قوله ( بالحق ) للملابسة ومعنى ملابسته للحق اشتماله عليه في جميع ما يشتمل عليه من المعاني قال تعالى ( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل ) .
ومعنى ( مصدقا لما بين يديه ) أنه مصدق للكتب السابقة له وجعل السابق بين يديه : لأنه يجيء قبله . فكأنه يمشي أمامه .
A E