وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أراد نبيهم أن يتحداهم بمعجزة تدل على أن الله تعالى اختار لهم شاوول ملكا فجعل لهم آية تدل على ذلك : وهي أن يأتيهم التابوت أي تابوت العهد بعد أن كان في يد الفلسطينيين كما تقدم وهذا إشارة إلى قصة تيسير الله تعالى لإرجاع التابوت إلى بني إسرائيل بدون قتال : وذلك أن الفلسطينيين أرجعوا التابوت إلى بني إسرائيل في قصة ذكرت في سفر صمويل : حاصلها أن التابوت بقي سبعة أشهر في بلاد فلسطين موضوعا في بيت صنمهم داجون ورأى الفلسطينيون آيات من سقوط صنمهم على وجهه وانكسار يديه ورأسه وإصابتهم بالبواسير في أشدود وتخومها وسلطت عليهم الجرذان تفسد الزروع فلما رأوا ذلك استشاروا الكهنة فأشاروا عليهم بإلهام من الله بإرجاعه إلى إسرائيل لأن إله إسرائيل قد غضب لتابوته وأن يرجعوه مصحوبا بهدية : صزرة خمس بواسير من ذهب وصورة خمس فيران من ذهب على عدد مدن الفلسطينيين العظيمة : أشدود وغزة واشقلون وجت وعفرون . ويوضع التابوت على عجلة جديدة تجرها بقرتان ومعه صندوق به التماثيل الذهبية ويطلقون البقرتين تذهبان بإلهام إلى أرض إسرائيل ففعلوا واهتدت البقرتان إلى أن بلغ التابوت والصندوق إلى يد اللاويين في تخم بيت شمس : هكذا وقع في سفر صمويل غير أن ظاهر سياقه أن رجوع التابوت إليهم كان قبل تمليك شاول وصريح القرآن يخالف ذلك ويمكن تأويل كلام السفر بما يوافق هذا بأن تحمل الحوادث على غير ترتيبها في الذكر وهو كثير في كتابهم . والذي يظهر لي أن الفلسطينيين لما علموا اتحاد الإسرائيليين تحت ملك علموا أنهم ما أجمعوا أمرهم إلا لقصد أخذ الثأر من أعدائهم وتخليص تابوت العهد من أيديهم فدبروا أن يظهروا إرجاع التابوت بسبب آيات شاهدوها ظنا منهم أن حدة بني إسرائيل تفل إذا أرجع إليهم التابوت بالكيفية المذكورة آنفا ولا يمكن أن يكون هذا الرعب حصل لهم قبل تمليك شاول وابتداء ظهور الأنصار به .
والتابوت اسم عجمي معرب فوزنه فاعول وهذا الوزن قليل في الأسماء العربية فيدل على أن ما كان على وزنه إنما هو معرب : مثل ناقوس وناموس واستظهر الزمخشري أن وزنه فعلول بتحريك العين لقلة الأسماء التي فاؤها ولامها حرفان متحدان : مثل سلس وقلق ومن أجل هذا أثبته الجوهري في مادة توب لا في تبت . والتابوت بمعنى الصندوق المستطيل : وهو صندوق أمر موسى عليه السلام بصنعه صنعه بصلئيل الملهم في صناعة الذهب والفضة والنحاس ونجارة الخشب فصنعه من خشب السنط " وهو شجرة من صنف القرظ " وجعل طوله ذراعين ونصفا وعرضه ذراعا ونصفا وارتفاعه ذراعا ونصفا وغشاه بذهب من داخل ومن خارج وصنع له إكليلا من ذهب وسبك له أربع حلق من ذهب على قوائمه الأربع وجعل له عصوين من خشب مغشاتين بذهب لتدخل في الحلقات لحمل التابوت وجعل غطاءه من ذهب وجعل على طريق الغطاء صورة تخيل بها اثنين من الملائكة من ذهب باسطين أجنحتهما فوق الغطاء وأمر الله موسى أن يضع في هذا التابوت لوحي الشهادة اللذين أعطاه الله إياهما وهي الألواح التي ذكرها الله في قوله ( ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح ) .
والسكينة فعيلة بمعنى الاطمئنان والهدوء وفي حديث السعي إلى الصلاة ( عليكم بالسكينة ) وذلك أن من بركة التابوت أنه إذا كان بينهم في حرب أو سلم كانت نفوسهم واثقة بحسن المنقلب وفيه أيضا كتب موسى عليه السلام وهي مما تسكن ارؤيتها نفوس الأمة وتطمئن لأحكامها فالظرفية على الأول مجازية وعلى الثاني حقيقية وورد في حديث أسيد حضير إطلاق السكينة على شئ شبه الغمام ينزل من السماء عند قراءة القرآن فلعلها ملائكة يسمون بالسكينة .
والبقية في الأصل : ما يفضل من شيء بعد انقضاء معظمه وقد بينت هنا بأنها مما ترك آل موسى وآل هارون وهي بقايا من آثار الألواح ومن الثياب التي ألبسها موسى أخاه هارون حين جعله الكاهن لبني إسرائيل والحافظ لأمور الدين وشعائر العبادة قيل : ومن ذلك عصا موسى .
ويجوز أن تكون البقية مجازا عن النفيس من الأشياء ؛ لأن الناس إنما يحافظون على النفائس فتبقى كما قال النابغة : .
بقية قدر من قدور توورثت ... لآل الجلاح كابرا بعد كابر وقد فسر بهذا المعنى قول رويشد الطائي : .
إن تذنبوا ثم تأتيني بقيتكم ... فما علي بذنب منكم فوت