وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ) الآية استفهام تقريري وتحذير فقوله : ( ألا تقاتلوا ) مستفهم عنه بهل وخبر لعسى متوقع ودليل على جواب الشرط ( إن كتب عليكم القتال ) وهذا من أبدع الإيجاز : فقد حكي جملا كثيرة وقعت في كلام بينهم وذلك أنه قررهم على إضمارهم نية عدم القتال اختبارا وسبرا لمقدار عزمهم عليه ولذلك جاء في الاستفهام بالنفي فقال ما يؤدي معنى ( هل لا تقاتلون ) ولم يقل : هل تقاتلون ؛ لأن المستفهم إلى معانيه المجازية كانت حاجة المتكلم إلى اختيار الطرف الراجح متأكدة . وتوقع منهم عدم القتال وحذرهم من عدم القتال إن فرض عليهم فجملة : ( ألا تقاتلوا ) يتنازع معناها كل من هل وعسى وإن وأعطيت لعسى فلذلك قرنت بأن وهي دليل للبقية فيقدر لكل عامل ما يقتضيه . والمقصود من هذا الكلام التحريض : لأن ذا الهمة يأنف من نسبته إل التقصير فإذا سجل ذلك عليه قبل وجود دواعيه كان على حذر من وقوعه في المستقبل كما يقول من يوصي غيره : افعل كذا وكذا وما أظنك تفعل . وقرأ نافع وحده عسيتم " بكسر السين " على غير قياس وقرأه الجمهور بفتح السين وهما لعتان في عسى إذا اتصل بها ضمير المتكلم أو المخاطب وكأنهم قصدوا من كسر السين التخفيف بإمانة سكون الياء .
وقوله ( قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله ) جاءت واو العطف في حكاية قولهم ؛ إذ كان في كلامهم ما يفيد إرادة أن يكون جوابهم عن كلامه معطوفا على قولهم ( أبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ) ما يؤدي مثله بواو العطف فأرادوا تأكيد رغبتهم في تعيين ملك يدبر أمور القتال بأنهم ينكرون كل خاطر يخطر في نفوسهم من التثبيط عن القتال فجعلوا كلام نبيهم بمنزلة كلام معترض في أثناء كلامهم الذي كملوه فما يحصل به جوابهم عن شك نبيهم في ثباتهم فكان نظم كلامهم على طريقة قوله تعالى حكاية عن الرسل ( وعلى الله فليتوكل المؤمنون وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ) .
و ( ما ) اسم استفهام بمعنى أي شيء واللام للاختصاص والاستفهام إنكاري وتعجبي من قول نبيهم ( هل عسيتم إن كتب عليكم القتال إلا تقاتلوا ) لأن شأن المتعجب منه أن يسأل عن سببه . واسم الاستفهام في موضع الابتداء ولنا خبره ومعناه ما حصل لنا أو ما استقر لنا فاللام في قوله ( لنا ) لام الاختصاص و ( أن ) حرف مصدر واستقبال ونقاتل منصوب بأن ولما كان حرف المصدر يقتضي أن يكون الفعل بعده في تأويل المصدر فالمصدر المنسبك من أن وفعلها إما أن يجعل مجرورا بحرف جر مقدر قبل أن مناسب لتعلق لا نقاتل بالخبر والتقدير : ما لنا في أل نقاتل أي انتفاء قتالنا أو ما لنا لألا نقاتل أي لأجل انتفاء قتالنا فيكون معنى الكلام إنكارهم أن يثبت لهم سبب يحملهم على تركهم القتال أو سبب لأجل تركهم القتال أي لا يكون لهم ذلك .
وإما أن يجعل المصدر المنسبك بدلا من ضمير لنا : بدل اشتمال والتقدير : ما لنا لتركنا القتال .
ومثل هذا النظم يجيء بأشكال خمسة : مثل مالك لا تأمنا على يوسف " ومالي لا أعبد الذي فطرني " ما لكم كيف تحكمون " فما لك والتلد دحول نجد " فما لكم في المنافقين فئتين والأكثر أن يكون ما بعد الاستفهام في موضع حال ولكن الإعراب يختلف ومآل المعنى متحد .
و ( ما ) مبتدأ و ( لنا ) خبره والمعنى : أي شيء كان لنا . وجملة ( ألا نقاتل ) حال وهي قيد للاستفهام الإنكاري : أي لا يثبت لنا شيء في حالة تركنا القتال . وهذا كنظائره في قولك : مالي لا أفعل أو مالي أفعل فأن مصدرية مجرورة بحرف جر محذوف يقدر بفي أو لام الجر متعلق بما تعلق به لنا .
وجملة ( وقد أخرجنا ) حال معللة لوجه الإنكار : أي أنهم في هذه الحال أبعد الناس عن ترك القتال ؛ لأن أسباب حب الحياة تضعف في حالة الضر والكدر بالإخراج من الديار والأبناء .
وعطف الأبناء على الديار لأن الإخراج يطلق على إبعاد الشيء من حيزه وعلى إبعاده من بين ما يصاحبه ولا حاجة إلى دعوى جعل الواو عاطفة عاملا محذوفا تقديره وأبعدنا عن أبنائنا