وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ) الكاف للتشبيه : أي اذكروه ذكرا يشابه ما من عليكم من علم الشريعة في تفاصيل هذه الآيات المتقدمة والمقصود من المشابهة المشابهة في التقدير الاعتباري أي أن يكون الذكر بنية الشكر على تلك النعمة والجزاء فإن الشيء المجازي به شيء آخر يعتبر كالمشابه له ولذلك يطلق عليه اسم المقدار وقد يسمون هذه الكاف كاف التعليل والتعليل مستفاد من التشبيه لأن العلة على قدر المعلول .
( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم [ 240 ] ) موقع هذه الآية هنا بعد قوله ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن ) إلى آخرها في غاية الإشكال : فإن حكمها يخالف في الظاهر حكم نظيرتها التي تقدمت وعلى قول الجمهور هاته الآية سابقة في النزول على آية ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن ) يزداد موقعها غرابة : إذ هي سابقة في النزول متأخرة في الوضع .
والجمهور على أن هذه الآية شرعت حكم تربص المتوفى عنها حولا في بيت زوجها وذلك في أول الإسلام ثم نسخ ذلك بعدة الوفاة بالميراث روى هذا عن ابن عباس وقتادة والربيع وجابر بن زيد . وفي البخاري في كتاب التفسير عن عبد الله بن الزبير قال : " قلت لعثمان هذه الآية ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم ) قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها قال : لا أغير شيئا منه عن مكانه يابن أخي " فاقتضى أن هذا هو موضع هذه الآية وأن الآية التي قبلها ناسخة لها وعليه فيكون وضعها هنا بتوقيف من النبي A لقول عثمان " لا أغير شيئا منه عن مكانه ) ويحتمل أن ابن الزبير أراد بالآية الأخرى آية سورة النساء في الميراث .
وفي البخاري : قال مجاهد " شرع الله العدة أربعة أشهر وعشرا تعتد عند أهل زوجها واجبا ثم نزلت وصية لأزواجهم فجعل لله لها تمام السنة وصية إن شاءت سكنت في وصيتها وإن شاءت خرجا ولم يكن لها يومئذ ميراث معين فكان ذلك حقها في تركة زوجها ثم نسخ ذلك بالميراث " فلا تعرض في هذه الآية للعدة ولكنها في بيان حكم آخر وهو إيجاب الوصية لها بالسكنى حولا : إن شاءت أن تحتبس عن التزوج حولا مراعاة لما كانوا عليه ويكون الحول تكميلا لمدة السكنى لا العدة وهذا الذي قاله مجاهد أصرح ما في هذا الباب وهو المقبول .
واعلموا أن العرب في الجاهلية كان من عادتهم المتبعة أن المرأة إذا توفى عنها زوجها تمكث في شر بيت لها حولا محدة لابسة شر ثيابها متجنبة الزينة والطيب كما تقدم في حاشية تفسير قوله تعالى ( فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ) عن الموطأ فلما جاء الإسلام أبطل ذلك الغلو في سوء الحالة وشرع عدة الوفاة والإحداد فلما ثقل ذلك على الناس في مبدأ أمر تغيير العادة أمر الأزواج بالوصية لأزواجهم بسكنى الحول بمنزل الزوج والإنفاق عليها من ماله إن شاءت السكنى بمنزل الزوج فإن خرجت وأبت السكنى هنالك لم ينفق عليها فصار الخيار للمرأة في ذلك بعد أن كان حقا عليها لا تستطيع تركه ثم نسخ الإنفاق والوصية بالميراث فالله لما أراد نسخ عدة الجاهلية وراعى لطفه بالناس في قطعهم عن معتادهم أقر الاعتداد بالحول وأقر ما معه من المكث في البيت مدة العدة لكنه أوقفه على وصية الزوج عند وفاته لزوجه بالحسنى وعلى قبول الزوجة ذلك فإن لم يوص لها أو لم تقبل فليس عليها السكنى ولها الخروج وتعتد حيث شاءت ونسخ وصية السكنى حولا بالمواريث وبقي لها السكنى في محل زوجها مدة العدة مشروعا بحديث الفريعة .
وقوله ( وصية لأزواجهم ) قرأه نافع وابن كثير والكسائي وأبو بكر عن عاصم وأبو جعفر ويعقوب وخلف : برفع وصية على الابتداء محولا عن المفعول المطلق وأصله وصية بالنصب بدلا من فعله فحول إلى الرفع لقصد الدوام كقولهم : حمد وشكر وصبر جميل كما تقدم في تفسير ( الحمد لله وقوله : فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) .
A E