وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد شدد النبي A في أمر الإحداد ففي الموطأ : " أن امرأة جاءت إلى رسول الله A فقالت : إن ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفتكحلهما فقال رسول الله A " لا لا " مرتين أو ثلاثا " إنما هي أربعة أشهر وعشرا وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول " . وقد أباح النبي A لأم سلمة في مدة إحدادها على أبي سلمة : أن تجعل الصبر في عينيها بالليل وتمسحه بالنهار وبمثل ذلك أفتت أم سلمة امرأة حاجا اشتكت عينيها أن تكتحل بكحل الجلاء بالليل وتمسحه بالنهار روى ذلك كله في الموطأ قال مالك " وإذا كانت الضرورة فإن دين الله يسر " : ولذلك حملوا نهي النبي A المرأة التي استفتته أمها أن تكحل على أنه علم من المعتدة أنها أرادت الترخص فقيضت أمها لتسأل لها .
وأما ملازمة معتدة الوفاة بيت زوجها فليست مأخوذة من هذه الآية ؛ لأن التربص تربص بالزمان لا بدل على ملازمة المكان والظاهر عندي أن الجمهور أخذوا ذلك من قوله تعالى ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج ) فإن ذلك الحكم لم يقصد به إلا حفظ المعتدة فلما نسخ عند الجمهور بهذه الآية كان النسخ واردا على المدة وهي الحول لا على بقية الحكم على أن المعتدة من الوفاة أولى بالسكنى من معتدة الطلاق التي جاء فيها ( لا تخرجوهن من بيوتهن ) وجاء فيها ( أسكنوهن من حيث سكنتم ) وقال المفسرون والفقهاء : ثبت وجوب ملازمة البيت بالسنة ففي الموطأ والصحاح أن النبي A قال للفريعة ابنة مالك بن سنان الخدري أخت أبي سعيد الخدري لما توفى عنها زوجها : " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله " وهو حديث مشهور وقضي به عثمان بن عفان وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن الحج وبذلك قال ابن عمر وبه أخذ جمهور فقهاء المدينة والحجاز والعراق والشام ومصر ولم يخالف في ذلك إلا علي وابن عباس وعائشة وعطاء والحسن وجابر بن زيد وأبو حنيفة وداود الظاهري وقد أخرجت عائشة Bها أختها أم كلثوم حين توفي زوجها طلحة بن عبيد الله إلى مكة في عمرة وكانت تفتي بالخروج فأنكر كثير من الصحابة ذلك عليها قال الزهري : فأخذ المترخصون بقول عائشة وأخذ أهل العزم والورع بقول ابن عمر واتفق الكل على أن المرأة المعتدة تخرج للضرورة وتخرج نهارا لحوائجها من وقت انتشار الناس إلى وقت هدوئهم بعد العتمة ولا تبيت إلا في المنزل وشروط ذلك وأحكامه ووجود المحل للزوج أو في كرائه وانتظار الورثة بيع المنزل إلى ما بعد العدة وحكم ما لو ارتابت في الحمل فطالت العدة مبسوطة في كتب الفقه والخلاف فلا حاجة بنا إليها هنا .
ومن القراءات الشاذة في هذه الآية : ما ذكره في الكشاف أن عليا قرأ ( والذين يتوفون ) بفتح التحتية على أنه مضارع توفي مبنيا للفاعل بمعنى مات بتأويل إنه توفي أجله أي استوفاه .
وأنا وإن كنت التزمت ألا أتعرض للقراءات الشاذة فإنما ذكرت هذه القراءة لقصة طريفة فيها نكتة عربية أشار إليها في الكشاف وفصلها السكاكي في المفتاح وهي أن عليا كان يشيع جنازة فقال له قائل " من المتوفى " بلفظ اسم الفاعل " أي بكسر الفاء " سائلا عن المتوفى - بفتح الفاء - فلم يقل : فلان بل قال ( الله ) مخطئا إياه منبها له بذلك على أنه يحق أن يقول : من المتوفى بلفظ اسم المفعول وما فعل ذلك إلا لأنه عرف من السائل أنه ما أورد لفظ المتوفى على الوجه الذي يكسوه جزالة وفخامة وهو وجه القراءة المنسوبة إليه - أي إلى على - والذين يتوفون منكم بلفظ بناء الفاعل على إرادة معنى : ( والذين يستوفون مدة أعمارهم ) .
A E