وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد دل قوله ( وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم ) على أنه ليس المراد بقوله ( يرضعن ) تشريع وجوب الإرضاع على الأمهات بل المقصود تحديد مدة الإرضاع وواجبات المرضع على الأب وأما إرضاع الأمهات فموكول إلى ما تعارفه الناس فالمرأة التي في العصمة إذا كان مثلها يرضع يعتبر إرضاعها أولادها من حقوق الزوج عليها في العصمة إذ العرف كالشرط . والمرأة المطلقة لا حق لزوجها عليها فلا ترضع له إلا باختيارها . ما لم يعرض في الحالين مانع أو موجب مثل عجز المرأة في العصمة عن الإرضاع لمرض ومثل امتناع الصبي من رضاع غيرها إذا كانت مطلقة بحيث يخشى عليه والمرأة التي لا يرضع مثلها وهي ذات القدر قد علم الزوج حينما تزوجها أن مثلها لا يرضع فلم يكن له عليها حق الإرضاع . هذا قول مالك إذ العرف كالشرط وقد كان ذلك عرفا من قبل الإسلام وتقرر في الإسلام وقد جرى في كلام المالكية في كتب الأصول : أن مالكا خصص عموم الوالدات بغير ذوات القدر وأن المخصص هو العرف وكنا نتابعهم على ذلك ولكني الآن لا أرى ذلك متجها ولا أرى مالكا عمد إلى التخصيص أصلا لأن الآية غير مسوقة لإيجاب الإرضاع كما تقدم .
وقوله ( إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف ) أي إذا سلمتم إلى المراضع أجورهن . فالمراد بما آتيتم : الأجر ومعنى آتى في الأصل دفع ؛ لأنه معدي أتى بمعنى وصل ولما كان أصل إذا أن يكون ظرفا للمستقبل مضمنا معنى الشرط لم يلتئم أن يكون مع فعل آتيتم الماضي .
وتأول في الكشاف آتيتم بمعنى : أردتم إيتاءه كقوله تعالى ( إذا قمتم إلى الصلاة ) تبعا لقوله : وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم والمعنى : إذا سلمتم أجور المراضع بالمعروف دون إجحاف ولا مطل .
وقرأ ابن كثير ( أتيتم ) بترك همزة التعدية . فالمعنى عليه : إذا سلمتم ما جئتم أي ما قصدتم فالإتيان حينئذ مجاز عن القصد كقوله تعالى ( إذ جاء ربه بقلب سليم ) وقال زهير : .
وما كان من خير أتوه فإنما ... توارثه آباء آبائهم قبل وقوله ( واتقوا الله ) تذييل للتخويف والحث على مراقبة ما شرع الله من غير محاولة ولا مكايدة وقوله ( واعلموا أن الله ) تذكير لهم بذلك وإلا فقد علموه . وقد تقدم نظيره آنفا .
( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير [ 234 ] ) انتقال إلى بيان عدة الوفاة بعد الكلام عن عدة الطلاق وما اتصل بذلك من أحكام الإرضاع عقب الطلاق تقصيا لما به إصلاح أحوال العائلات فهو عطف قصة على قصة ويتوفون مبني للمجهول وهو من الأفعال التي التزمت العرب فيها البناء للمجهول : مثل عني واضطر وذلك في كل فعل قد عرف فاعله ما هو أو لم يعرفوا له فاعلا معينا . وهو من توفاه الله أو توفاه الموت فاستعمال التوفي منه مجاز تنزيلا لعمر الحي منزلة حق الموت أو الخالق الموت فقالوا : توفى فلان كما يقال : توفى الحق ونظيره قبض فلان وقبض الحق فصار المراد من توفى : مات كما صار المراد من قبض وشاع هذا المجاز حتى صار حقيقة عرفية وجاء الإسلام فقال الله تعالى ( الله يتوفى الأنفس ) وقال ( حتى يتوفاهن الموت ) وقال : ( قل يتوفاكم ملك الموت ) فظهر الفاعل المجهول عندهم في مقام التعليم أو الموعظة وأبقي استعمال الفعل مبينا للمجهول فيما عدا ذلك : إيجاز وتبعا للاستعمال .
A E