وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولذلك اختير لفظ الوالدة هنا دون الأم : كما تقدم في قوله ( يرضعن أولادهن ) وكذلك القول في ( ولا مولود بولده ) وهذا الحكم عام في جميع الأحوال من فراق أو دوام عصمة فهو كالتذييل وهو نهي لهما عن أن يكلف أحدهما الآخر ما هو فوق طاقته ويستغل ما يعلمه من شفقة الآخر على ولده فيفترض ذلك لإحراجه والإشقاق عليه .
وفي المدونة : عن ابن وهب عن الليث عن خالد بن يزيد عن زيد بن أسلم في قوله تعالى ( لا تضار والدة بولدها ) الآية ( يقول ليس لها أن تلقي ولدها عليه ولا يجد من يرضعه وليس له أن ينتزع منها ولدها وهي تحب أن ترضعه ) وهو يؤيد ما ذكرناه . وقيل : الباء في قوله ( بولدها وبولده ) باء الإلصاق وهي لتعدية تضار فيكون مدخول الباء مفعولا في المعنى لفعل تضار وهو مسلوب المفاعلة مراد منه أصل الضر فيصير المعنى : لا تضر الوالدة ولدها ولا المولود له ولده أي لا يكن أحد الأبوين بتعنته وتحريجه سببا في إلحاق الضر بولده أي سببا في إلجاء الآخر إلا الامتناع مما يعين على إرضاع الأم ولدها فيكون في استرضاع غير الأم تعريض المولود إلى الضر ونحو هذا من أنواع التفريط .
وقرأ الجمهور : لا تضار بفتح الراء مشددة على أن لا حرف نهي وتضار مجزوم بلا الناهية والفتحة للتخلص من التقاء الساكنين الذي نشأ عن تسكين الراء الأولى ليأتي الإدغام وتسكين الراء الثانية للجزم وحرك بالفتحة لأنها أخف الحركات . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو برفع الراء على أن لا حرف نفي والكلام خبر في معنى النهي وكلتا القراءتين يجوز أن تكون على نية بناء الفعل للفاعل : لا تضار بكسر الراء الأولى وبنائه للنائب بتقدير فتح الراء الأولى وقرأه أبو جعفر بسكون الراء مخففة مع إشباع المد كذا نقل عنه في كتب القراءات والظاهر أنه جعله من ضار يضير لا من ضار المضاعف . ووقع الكشاف أنه قرأ بالسكون مع التشديد على نية الوقف أي إجراء للوصل مجرى الوقف ولذلك اغتفر التقاء الساكنين .
وقوله ( وعلى الوارث مثل ذلك ) معطوف على قوله ( وعلى المولود رزقهن ) وليس معطوفا على جملة ( لا تضار والدة ) لأن جملة لا تضار معترضة فإنها جاءت على الأسلوب الذي جاءت عليه جملة ( لا تكلف نفس إلا وسعها ) التي هي معترضة بين الأحكام لا محالة لوقوعها موقع الاستئناف من قوله بالمعروف ولما جاءت جملة لا تضار بدون عطف علمنا أنها استئناف ثان مما قبله ثم وقع الرجوع إلى بيان الأحكام بطريق العطف ولو كان المراد العطف على المستأنفات المعترضات لجئ بالجملة الثالثة بطريق الاستئناف .
وحقيقة الوارث هو من يصير إليه مال البيت بعد الموت بحق الإرث . والإشارة بقوله ( ذلك ) إلى الحكم المتقدم وهو الرزق والكسوة بقرينة دخول على عليه الدالة على أنه عديل لقوله ( وعلى المولود له رزقهن ) وجوز أن يكون ذلك إشارة إلى النهي عن الإضرار المستفاد من قوله ( لا تضار والدة بولدها ) كما سيأتي وهو بعيد عن الاستعمال ؛ لأنه لما كان الفاعل محذوفا وحكم الفعل في سياق النهي كما هو سياق النفي علم أن جميع الإضرار منهي عنه أياما كان فاعله على أن الإضرار منهي عنه فلا يحسن التعبير عنه بلفظ على الذي هو من صيغ الإلزام والإيجاب على أن ظاهر المثل إنما ينصرف لمماثلة الذوات وهي النفقة والكسوة لا لمماثلة الحكم وهو التحريم .
وقد علم من تسمية المفروض عليه الإنفاق والكسوة أن الذي كان ذلك عليه مات وهذا إيجاز . والمعنى : فإن مات المولود له فعلى وارثه مثل ما كان عليه فإن على الواقعة بعد حرف العطف هنا ظاهرة في أنها مثل على التي في المعطوف عليه .
A E