وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

A E فالمخاطبون بهذه الآيات محذرون أن يجعلوا حكم الله في العدة الذي قصد منه انتظار الندامة وتذكر حسن المعاشرة لعلهما يحملان المطلق على إمساك زوجته حرصا على بقاء المودة والرحمة فيغيروا ذلك ويجعلوه وسيلة إلى زيادة النكاية وتفاقم الشر والعداوة . وفي الموطأ أن رجلا قال لابن عباس : إني طلقت امرأتي مائة طلقة فقال له ابن عباس " بانت منك بثلاث وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزءا " يريد أنه عمد إلى ما شرعه الله من عدد الطلاق بحكمة توقع الندامة مرة أولى وثانية فجعله سبب نكاية وتغليظ حتى اعتقد أنه يضيق على نفسه المراجعة إذ جعله مائة ثم إن الله تعالى بعد أن حذرهم دعاهم بالرغبة فقال ( واذكروا نعمة الله عليكم ) فذكرهم بما أنعم عليهم بعد الجاهلية بالإسلام الذي سماه نعمة كما سماه بذلك في قوله ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ) فكما أنعم عليكم بالانسلاخ عن تلك الضلالة فلا ترجعوا إليها بالتعاهد بعد الإسلام وقوله ( وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ) معطوف على نعمة وجملة ( يعظكم به ) حال ويجوز جعله مبتدأ ؛ وجملة ( يعظكم ) خبرا والكتاب : القرآن . والحكمة : العلم المستفاد من الشريعة وهو العبرة بأحوال الأمم الماضية وإدراك مصالح الدين وأسرار الشريعة كما قال تعالى بعد أن بين حكم الخمر والميسر ( كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة ) ومعنى إنزال الحكمة أنها كانت حاصلة من آيات القرآن كما ذكرنا ومن الإيماء إلى العلل ومما يحصل أثناء ممارسة الدين وكل ذلك منزل من الله تعالى بالوحي إلى الرسول A ومن فسر الحكمة بالسنة فقد فسرها ببعض دلائلها .
والموعظة الوعظ : النصح والتذكير بما يلين القلوب ويحذر الموعوظ .
وقوله ( واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم ) تذمير بالتقوى وبمراعاة علمهم بأن الله عليم بكل شيء تنزيلا لهم في حين مخالفتهم بأفعالهم لمقاصد الشريعة منزلة من يجهل أن الله عليم فإن العليم لا يخفي عليه شيء وهو إذا علم مخالفتهم لا يحول بين عقابه وبينهم شيء لأن هذا العليم قدير .
( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم ي } من بالله واليوم الأخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون [ 232 ] ) المراد من هذه الآية مخاطبة أولياء النساء بألا يمنعوهن من مراجعة أزواجهن بعد أن أمر المفارقين بإمساكهن بمعروف ورغبهم في ذلك إذ قد علم أن المرأة إذا رأت الرغبة من الرجل الذي كانت تألفه وتعاشره لم تلبث أن تقرن رغبته برغبتها فإن المرأة سريعة الانفعال قريبة القلب فإذا جاء منع فإنما يجيء من قبل الأولياء ولذلك لم يذكر الله ترغيب النساء في الرضا بمراجعة أزواجهن ونهى الأولياء عن منعهن من ذلك .
وقد عرف من شأن الأولياء في الجاهلية وما قاربها الأنفة من أصهارهم عند حدوث الشقاق بينهم وبين ولاياهم وربما رأوا الطلاق استخفافا بأولياء المرأة وقلة اكتراث بهم فحملتهم الحمية على قصد الانتقام منهم عند ما يرون منهم ندامة ورغبة في المراجعة وقد روى في الصحيح أن البداح بن عاصم الأنصاري طلق زوجه جميلا بالتصغير وقيل جملا وقيل جميلة ابنة معقل بن يسار فلما انقضت عدتها أراد مراجعتها فقال له أبوها معقل ابن يسار : " إنك طلقتها طلاقا له الرجعة ثم تركتها حتى انقضت عدتها فلما خطبت إلي أتيتني تخطبها مع الخطاب والله لا أنكحها أبدا " فنزلت هذه الآية قال معقل " فكفرت عن يميني وأرجعتها إليه " وقال الواحدي : نزلت في جابر بن عبد الله كانت له ابنة عم طلقها زوجها وانقضت عدتها ثم جاء يريد مراجعتها وكانت راغبة فيه فمنعه جابر من ذلك فنزلت .
والمراد من ( أجلهن ) هو العدة وهو يعضد أن ذلك هو المراد من نظيره في الآية السابقة وعن الشافعي " دل سياق الكلامين على افتراق البلوغين " فجعل البلوغ في الآية الأولى بمعنى مشارفة بلوغ الأجل وجعله هنا بمعنى انتهاء الأجل