وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

تفريع مرتب على قوله ( الطلاق مرتان ) وما بينهما بمنزلة الاعتراض على أن تقديمه يكسبه تأثيرا في تفريع هذا على جميع ما تقدم ؛ لأنه قد علم من مجموع ذلك أن بعد المرتين تخييرا بين المراجعة وعدمها فرتب على تقدير المراجعة المعبر عنها بالإمساك ( فإن طلقها ) وهو يدل بطريق الاقتضاء على مقدر أي فإن راجعها فطلقها لبيان حكم الطلقة الثالثة . وقد تهيأ السامع لتلقي هذا الحكم من قوله ( الطلاق مرتان ) إذ علم أن ذلك بيان آخر عدد في الرجعى وأن ما بعده بتات فذكر قوله ( فإن طلقها ) زيادة في البيان وتمهيد لقوله ( فلا تحل له من بعد ) إلخ فالفاء : إما عاطفة لجملة ( إن طلقها ) على جملة ( فإمساك ) باعتبار ما فيها من قوله ( فإمساك ) إن كان المراد من الإمساك المراجعة ومن التسريح عدمها أي فإن أمسك المطلق أي راجع ثم طلقها فلا تحل له من بعد وهذا هو الظاهر وإما فصيحة لبيان قوله : أو تسريح بإحسان إن كان المراد من التسريح إحداث الطلاق أي فإن المراد بعد المراجعة فسرح . فلا تحل له من بعد وإعادة هذا على الوجه ليرتب عليه تحريم المراجعة إلا بعد زوج تصريحا بما فهم من قوله ( الطلاق مرتان ) ويكون التعبير بالطلاق هنا دون التسريح للبيان على الوجهين المتقدمين ولا يعوزك توزيعه عليها والضمير المستتر راجع للمطلق المستفاد من قوله ( الطلاق مرتان ) والضمير المنصوب راجع للمطلقة المستفادة من الطلاق أيضا كما تقدم في قوله ( إلا أن يخافا ألا حدود الله ) والآية بيان لحق المراجعة صراحة وهي إما إبطال لما كانوا عليه في الجاهلية وتشريع إسلامي جديد وإما نسخ لما تقرر أول الإسلام إذا صح ما رواه أبو داود في سننه في باب المراجعة بعد التطليقات الثلاث عن ابن عباس " أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثا فنسخ ذلك ونزل ( الطلاق مرتان ) .
ولا يحل بحال عطف قوله ( فإن طلقها ) على جملة ( ولا يحل لكم أن تأخذوا ) ولا صدق الضميرين على ما صدقت عليه ضمائر ( إلا أن يخافا ألا يقيما ) و ( فلا جناح عليهما ) لعدم صحة تعلق حكم قوله تعالى ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد ) بما تعلق به حكم قوله ( ولا يحل لكم أن تأخذوا ) إلخ إذ لا يصح تفريع الطلاق الذي لا تحل بعده المرأة على وقوع الخلع إذ ليس ذلك من أحكام الإسلام في قول أحد فمن العجيب ما وقع في شرح الخطابي على سنن أبي داود : أن ابن عباس احتج لكون الخلع فسخا بأن الله ذكر الخلع ثم أعقبه بقوله ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد ) الآية قال " فلو كان الخلع طلاقا لكان الطلاق أربعا " ولا أحسب هذا يصح عن ابن عباس لعد جريه على معاني الاستعمال العربي .
وقوله ( فلا تحل له ) أي تحرم عليه وذكر قوله ( من بعد ) أي من بعد ثلاث تطليقات تسجيلا على المطلق وإيماء إلى علة التحريم وهي تهاون المطلق بشأن امرأته واستخفافه بحق المعاشرة حتى جعلها لعبة تقبلها عواطف غضبه وحماقته فلما ذكر لهم قوله من بعد علم المطلقون أنهم لم يكونوا محقين في أحوالهم التي كانوا عليها في الجاهلية .
والمراد من قوله ( تنكح زوجا غيره ) أن تعقد على زوج آخر لأن لفظ النكاح في كلام العرب لا معنى له إلا العقد بين الزوجين ولم أر لهم إطلاقا آخر فيه لا حقيقة ولا مجازا وأياما كان إطلاقه في الكلام فالمراد في هاته الآية العقد بدليل إسناده إلى المرأة فإن المعنى الذي ادعى المدعون أنه من معاني النكاح بالاشتراك والمجاز أعني المسيس لا يسند في كلام العرب للمرأة أصلا وهذه نكتة غفلوا عنها في هذا المقام .
وحكمة هذا التشريع العظيم ردع الأزواج عن الاستخفاف بحقوق أزواجهم وجعلهن لعبا في بيوتهم فجعل للزوج الطلقة الأولى هفوة والثانية تجربة والثالثة فراقا كما قال رسول الله A في حديث موسى والخضر : فكانت الأولى من موسى نسيانا والثانية شرطا والثالثة عمدا فلذلك قال له الخضر في الثالثة " هذا فراق بيني وبينك " .
A E