وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وليس لهذه الأقوال شاهد من النقل الصحيح ولا يلائمها القسم ولا السياق .
والخلق : إيجاد ما لم يكن موجودا ويطلق على إيجاد حالة لها أثر قوي في الذات كقوله تعالى ( يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق ) وقوله ( وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير ) . فهو جعل يغير ذات الشيء .
والكبد بفتحتين : التعب والشدة وقد تعددت أقال المفسرين في تقرير المراد بالكبد ولم يعرج واحد منهم على ربط المناسبة بين ما يفسر به الكبد وبين السياق المسوق له الكلام وافتتاحه بالقسم المشعر بالتأكيد وتوقع الإنكار حتى كأنهم بصدد تفسير كلمة مفردة ليست واقعة في كلام يجب التئامه ويحق وئامه .
وقد غضوا النظر عن موقع فعل ( خلقنا ) على تفسيرهم الكبد إذ يكون فعل ( خلقنا ) كمعذرة للإنسان الكافر في ملازمة الكبد له إذ هو مخلوق فيه . وذلك يحط من شدة التوبيخ والذم فالذي يلتئم مع السياق ويناسب القسم أن الكبد التعب الذي يلازم أصحاب الشرك من اعتقادهم تعدد الآلهة . واضطراب رأيهم في الجميع بين ادعاء الشركاء لله تعالى وبين توجههم إلى الله بطلب الرزق وبطلب النجاة إذا أصابهم ضر . ومن إحالتهم البعث بعد الموت مع اعترافهم بالخلق الأول فقوله ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) دليل مقصودا وحده بل هو توطئة لقوله ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) . والمقصود إثبات إعادة خلق الإنسان بعد الموت للبعث والجزاء الذي أنكروه وابتدأهم القرآن بإثباته في سور كثيرة من السور الأولى .
فوزان هذا التمهيد وزان التمهيد بقوله ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين ) بعد القسم بقوله ( والتين والزيتون ) الخ .
فمعنى ( أيحسب أن لن يقدر عليه ) : أيحسب أن لن نقدر عليه بعد اضمحلال جسده فنعيده خلقا آخر فهو في طريقة القسم والمقسم عليه بقوله تعالى ( لا أقسم بيوم القيامة ) إلى قوله ( أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) . أي كما خلقناه أول مرة في نصب من أطوار الحياة كذلك نخلقه خلقا ثانيا في كبد من العذاب في الآخرة لكفره .
وبذلك يظهر موقع إدماج قوله ( في كبد ) لأن المقصود التنظير بين الخلقين الأول والثاني في أنهما من مقدور الله تعالى .
والظرفية من قوله ( في كبد ) مستعملة مجازا في الملازمة فكأنه مظروف في الكبد ونظيره قوله ( بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ) الآية فالمراد : عذاب الدنيا وهو مشقة اضطراب البال في التكذيب واختلاق المعاذير والحيرة من الأمر على أحد التفسيرين لتلك الآية .
فمعنى أن الكبد ملازم للمشرك من حين اتصافه بالإشراك وهو حين تقوم العقل وكمال الإدراك .
ومن الجائز أن يجعل قوله ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) من قبيل القلب المقبول لتضمنه اعتبارا لطيفا وهو شدة تلبس الكبد بالإنسان المشرك حتى كأنه خلق في الكبد .
والمعنى : لقد خلقنا الكبد في الإنسان الكافر .
A E وللمفسرين تأويلات أخرى في معنى الآية لا يساعد عليها السياق .
( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد [ 5 ] ) هذه الجملة بدل اشتمال من جملة ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) .
والاستفهام مستعمل في التوبيخ والتخطئة .
وضمير ( أيحسب ) راجع إلى الإنسان لا محالة ومن آثار الحيرة في معنى ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) أن بعض المفسرين جعل ضمير ( أيحسب ) راجعا إلى بعض مما يعمه لفظ الإنسان مثل أبي الأشد الجمحي وهو ضعث على إبالة .
( يقول أهلكت مالا لبدا [ 6 ] أيحسب أن لم يره أحد [ 7 ] ) أعقبت مساوي نفسه بمذام أقواله وهو التفخر الكاذب والتمدح بإتلاف المال في غير صلاح . وقد كان أهل الجاهلية يتبجحون بإتلاف المال ويعدونه منقبة لايذانه بقلة اكتراث صاحبه به قال عنترة : .
وإذا سكرت فإنني مستهلك ... مالي وعرضي وافر لم يكلم .
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى ... وكما علمت شمائلي وتكرمي وجملة ( يقول أهلكت مالا ) في موضع الحال من ( الإنسان ) . وذلك من الكبد