وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وحكى ابن عطية عن بعض المتأولين : أن معنى ( وأنت حل بهذا البلد ) أنه حال أي ساكن بهذا البلد اه . وجعله ابن العربي قولا ولم يعزه إلى قائل وحكاه القرطبي والبيضاوي كذلك وهو يقتضي أن تكون جملة وأنت حل في موضع الحال من ضمير ( أقسم ) فيكون القسم بالبلد مقيدا باعتبار بلد محمد A وهو تأويل جميل لو ساعد عليه ثبوت استعمال ( حل ) بمعنى : حال أي مقيم في مكان فإن هذا لم يرد في كتب اللغة : الصحاح واللسان والقاموس ومفردات الراغب . ولم يعرج عليه صاحب الكشاف ولا أحسب إعراضه عنه إلا لعدم ثقته بصحة استعماله وقال الخفاجي : والحل : صفة أو مصدر بمعنى الحال هنا على هذا الوجه ولا عبرة لمن أنكره لعدم ثبوته في كتب اللغة اه وكيف يقال : لا عبرة بعدم ثبوته في كتب اللغة وهل المرجع في إثبات اللغة إلا كتب أيمتها .
وتكرير لفظ ( بهذا البلد ) إظهار في مقام الإضمار لقصد تجديد التعجيب . ولقصد تأكيد فتح ذلك البلد العزيز عليه والشديد على المشركين أن يخرج عن حوزتهم .
و ( والد ) وقع منكر فهو تنكير تعظيم إذ لا يحتمل غير ذلك في سياق القسم . فتعين أن يكون المراد والدا عظيما والراجح عمل والد على المعنى الحقيقي بقرينة قوله ( وما ولد ) .
والذي يناسب القسم بهذا البلد أن يكون المراد ب ( والد ) إبراهيم عليه السلام فإنه الذي اتخذ ذلك البلد لإقامة ولده إسماعيل وزوجه هاجر قال تعالى ( وإذ قال إبراهيم ربي اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) ثم قال ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ) . وإبراهيم والد سكان ذلك البلد الأصليين قال تعالى ( ملة أبيكم إبراهيم ) ولأنه والد محمد A .
و ( ما ولد ) موصول وصلة والضمير المستتر في ( ولد ) عائد إلى ( والد ) . والمقصود : وما ولده إبراهيم نم الأبناء والذرية . وذلك مخصوص بالذين اقتفوا هديه فيشمل محمد A .
وفي هذا تعريض للتنبيه بالمشركين من ذرية إبراهيم بأنهم حادوا عن طريقة أبيهم من التوحيد والصلاح والدعوة إلى الحق وعمارة المسجد الحرام قال تعالى ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ) .
وجيء باسم الموصول ( ما ) في قوله ( وما ولد ) دون ( من ) مع أن ( من ) أكثر استعمالا في إرادة العاقل وهو مراد هنا فعدل عن ( من ) لأن ( ما ) أشد إبهاما فأريد تفخيم أصحاب هذه الصلة فجيء لهم بالموصول الشديد الإبهام لإرادة التفخيم ونظيره قوله تعالى ( والله أعلم بما وضعت ) يعني مولودا عجيب الشأن . ويوضح هذا أن ( ما ) تستعمل نكرة تامة باتفاق و ( من ) لا تستعمل نكرة تامة إلا عند الفارسي .
ولأن قوة الإبهام في ( ما ) أنسب بإرادة الجماعة دون واحد معين ألا ترى إلى قول الحكم الأصم الفزاري : A E .
اللؤم أكرم من وبر ووالده ... واللؤم أكرم من وبر وما ولدا يريد ومن أولاده لا ولدا معينا .
وجملة ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) جواب القسم وهو الغرض من السورة .
والإنسان يجوز أن يراد به الجنس وهو الأظهر وقول جمهور المفسرين فالتعريف فيه تعريف الجنس ويكون المراد به خصوص أهل الشرك لأن قوله ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) إلى آخر الآيات لا يليق إلا بأحوال غير المؤمنين فالعموم عموم عرفي أي الإنسان في عرف الناس يومئذ ولم يكن المسلمون إلا نفرا قليلا ولذلك كثر في القرآن إطلاق الإنسان مرادا به الكافرون من الناس .
ويجوز أن يراد به إنسان معين فالتعريف تعريف العهد فعن الكلبي أنه أبو الأشد ويقال : أبو الأشدين واسمه أسيد بن كلدة الجمحي كان معروفا بالقوة والشدة يجعل الأديم العكاظي تحت قدميه فيقول من أزالني فله كذا . فيجذبه عشرة رجال حتى يمزق الأديم ولا تزول قدماه وكان شديد الكفر والعداوة للنبي A فنزل فيه ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) وقيل هو الوليد بن المغيرة وقيل هو أبو جهل . وعن مقاتل : نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل زعم أنه أنفق مالا على إفساد أمر النبي A . وقيل : هو عمرو بن عبد ود الذي اقتحم الخندق في يوم الأحزاب ليدخل المدينة فقتله علي بن أبي طالب خلف الخندق