وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والرجف : الاضطراب والاهتزاز وفعله من باب نصر . وظاهر كلام أهل اللغة أنه فعل قاصر ولم أر من قال : إنه يستعمل متعديا فلذلك يجوز أن يكون إسناد ( ترجف ) إلى ( الراجفة ) حقيقيا فالمراد ب ( الراجفة ) : الأرض لأنها تضطرب وتهتز بالزلازل التي تحصل عند فناء العالم الدنيوي والمصير إلى العالم الأخروي قال تعالى ( يوم ترجف الأرض والجبال ) وقال ( إذا رجت الأرض رجا ) وتأنيث ( الراجفة ) لأنها الأرض وحينئذ فمعنى ( تتبعها الرادفة ) أن رجفة أخرى تتبع الرجفة السابقة لأن صفة ( الراجفة ) تقتضي وقوع رجفة فالرادفة رجفة ثانية تتبع الرجفة الأولى .
ويجوز أن يكون إسناد ( ترجف ) إلى ( الراجفة ) مجازا عقليا أطلق ( الراجفة ) على سبب الرجف .
فالمراد ب ( الراجفة ) : الصيحة والزلزلة التي ترجف الأرض بسببها جعلت هي الراجفة مبالغة كقولهم : عيشة راضية وهذا هو المناسب لقوله ( تتبعها الرادفة ) أي تتبع تلك الراجفة أي مسببة الرجف رادفة أي واقعة بعدها .
ويجوز أن يكون الرجف مستعارا لشدة الصوت فشبه الصوت الشديد بالرجف وهو التزلزل .
وتأنيث ( الراجفة ) على هذا لتأويلها بالواقعة أو الحادثة .
و ( تتبعها الرادفة ) : التالية يقال : ردف بمعنى تبع والرديف : التابع لغيره قال تعالى ( أني ممدكم بثلاثة آلاف من الملائكة مردفين ) أي تتبع الرجفة الأولى ثانية فالمراد : رادفة من جنسها وهما النفختان اللتان في قوله تعالى ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا ما شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) .
وجملة ( تتبعها الرادفة ) حال من ( الراجفة ) .
وتنكير ( قلوب ) للتكثير أي قلوب كثيرة ولذلك وقع مبتدأ وهو نكرة لإرادة النوعية .
والمراد : قلوب المشركين الذين كانوا يجحدون البعث فإنهم إذا قاموا فعلموا أن ما وعدهم الرسول A به حق توقعوا ما كان يحذرهم منه من عقاب إنكار البعث والشرك وغير ذلك من أحوالهم .
فأما قلوب المؤمنين فإن فيها اطمئنانا متفاوتا بحسب تفاوتهم في التقوى .
والخوف يومئذ وإن كان لا يخلو منه أحد إلا أن أشده خوف الذين يوقنون بسوء المصير ويعلمون أنهم كانوا ضالين في الحياة الدنيا .
والواجفة : المضطربة من الخوف يقال : وجف كضرب وجفا ووجيفا ووجوفا إذا اضطرب .
و ( واجفة ) خبر ( قلوب ) .
وجملة ( أبصارها خاشعة ) خبر ثان عن ( قلوب ) وقد زاد المراد من الوجيف بيانا قوله ( أبصارها خاشعة ) أي أبصار أصحاب القلوب .
والخشوع حقيقته : الخضوع والتذلل وهو هيئة للإنسان ووصف الأبصار به مجاز في الانخفاض والنظر من طرف خفي من شدة الهلع والخوف من فظيع ما تشاهده من سوء المعاملة قال تعالى ( خشعا أبصارهم ) في سورة اقتربت الساعة . ومثله قوله تعالى ( ووجوه يومئذ باسرة ) .
وإضافة ( أبصار ) إلى ضمير القلوب لأدنى ملابسة لأن الأبصار لأصحاب القلوب وكلاهما من جوارح الأجساد مثل قوله ( إلا عشية أو ضحاها ) .
( يقولن أإنا لمردودون في الحافرة [ 10 ] إذا كنا عظاما نخرة [ 11 ] ) استئناف إما ابتدائي بعد جملة القسم وجوابه لإفادة أن هؤلاء هم الذين سيكونون أصحاب القلوب الواجفة والأبصار الخاشعة يوم ترجف الراجفة .
وإما استئناف بياني لأن القسم وما بعده من الوعيد يثير سؤالا في نفس السامع عن الداعي لهذا القسم فأجيب ب ( يقولون أئنا لمردودون في الحافرة ) أي منكرون البعث ولذلك سلك في حكاية هذا القول أسلوب الغيبة شأن التحدث عن غير حاضر .
وضمير ( يقولون ) عائد إلى معلوم من السياق وهم الذين شهروا بهذه المقالة ولا يخفون على المطلع على أحوالهم ومخاطباتهم وهم المشركون في تكذيبهم بالبعث .
والمساق إليه الكلام كل من يتأتى منه سماعه من المسلمين وغيرهم .
ويجوز أن يكون الكلام مسوقا إلى منكري البعث على طريقة الالتفاف .
وحكي مقالهم بصيغة المضارع لإفادة أنهم مستمرون عليه وأنه متجدد فيهم لا يرعوون عنه .
وللإشعار بما في المضارع من استحضار حالتهم بتكرير هذا القول ليكون ذلك كناية عن التعجيب من قولهم هذا كقوله تعالى ( فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ) .
وقد علم السامع أنهم ما كرروا هذا القول إلا وقد قالوه فيما مضى