وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وحقيقة الابتلاء : الاختبار لتعرف حال الشيء وهو هنا كناية عن التكليف بأمر عظم لأن الأمر العظيم يظهر تفاوت المكلفين به في الوفاء بإقامته .
وفرع على خلقه من نطفة أنه جعله سميعا بصيرا وذلك إشارة إلى ما خلقه الله له من الحواس التي كانت أصل تفكيره وتدبيره ولذلك جاء وصفه بالسميع البصير بصيغة المبالغة ولم يقل فجعلناه : سامعا مبصرا لأن سمع الإنسان وبصره أكثر تحصيلا وتمييزا في المسموعات والمبصرات من سمع وبصر الحيوان فبالسمع يتلقى الشرائع ودعوة الرسل وبالبصر ينظر في أدلة وجود الله وبديع صنعه .
من سمع وبصر الحيوان فبالسمع يتلقى الشرائع ودعوة الرسل وببصر ينظر في أدلة وجود الله وبديع صنعه .
وهذا تخلص إلى ما ميز الله به الإنسان من جعله تجاه التكليف وأتباع الشرائع وتلك خصيصية الإنسان التي بها ارتكزت مدينته وأنتظم جامعاته ولذلك أعقبت هذه الجملة بقوله ( إنا هديناه السبيل ) : الآيات .
( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا [ 3 ] ) استئناف بياني لبيان ما نشأ عن جملة ( نبتليه ) ولتفصيل جملة ( فجعلناه سميعا بصيرا ) وتخلص إلى الوعيد على الكفر والوعد على الشكر .
وهداية السبيل : تمثيل لحال المرشد . والسبيل : الطريق الجادة إلى ما فيه النفع بواسطة الرسل إلى العقائد الصحية والأعمال الصالحة التي هي سبب فوزه بالنعيم الأبدي بحال من يدل السائر على الطريق المؤدية إلى مقصده من سيره .
وهذا التمثيل ينحل إلى تشبيهات أجزاء الحالة المركبة المشبهة بأجزاء الحالة المركبة المشبهة بأجزاء الحالة المشبه بها فالله تعالى كالهادي والإنسان يشبه السائر المتحير في الطريق وأعمال الدين تشبه الطريق وفوز المتتبع لهدي الله يشبه البلوغ إلى المكن المطلوب .
وفي هذا النداء على أن الله أرشد الإنسان إلى الحق وأن بعض الناس أدخلوا على أنفسهم ضلال الاعتقاد ومفاسد الأعمال فمن برأ نفسه من ذلك فهو الشاكر وغيره الكفور وذلك تقسيم بحسب حال الناس في أول البعثة ثم ظهر من خلطوا عملا صالحا وأخر سيئا .
وتأكيد الخبر ب ( إن ) للرد على المشركين الذين يزعمون أن ما يدعوهم إليه القران باطل .
و ( إما شاكرا وإما كفورا ) حالان من ضمير الغيبة فيه ( هديناه ) وهو ضمير ( الإنسان ) .
و ( إما ) حرف تفصيل وهو حرف بسيط عند الجمهور . وقال سيبويه : هو مركب من حرف ( إن ) الشرطية و ( ما ) النافية . وقد تجردت ( إن ) بالتركيب على الشرطية كما تجردت ( ما ) عن النفي فصار مجموع ( إما ) حرف تفصيل ولا عمل لها في الاسم بعدها ولا تمنع العامل الذي قبلها عن العمل في معموله الذي بعدها فهي في ذلك مثل ( آل ) حرف التعريف . وقدر بعض النحاة ( إما ) الثانية حرف عطف وهو تحكم إذ جعلوا الثانية عاطفة وهي أخت الأولى وإنما العاطف الواو وإما مقحمة بين الاسم ومعموله كما في قول تأبط شرا : .
هما خطتا إما إسار ومنة ... وإما دم والموت بالحر أجدر فإن الاسمين بعد ( إما ) في موضوعين من البيت مجروران بالإضافة ولذلك حدثت النون من قوله : هما خطتا وذلك أفصح كما جاء في هذه الآية .
A E قال ابن جني " أما من جر ( إسار ) فإنه حذف النون للإضافة ولم يعتد ( إما ) فاصلا بين المضاف والمضاف إليه وعلى هذا تقول : هما إما غلاما زيد وإما عمروا وأجود من هذا أن تقول : هما خطتا إسار ومنة وإما خطتا دم ثم قال : وأما الرفع فطريق المذهب وظاهره أمره أنه على لغة من حذف النون لغير الإضافة فقد حكي ذلك " الخ .
ومقتضى كلامه أن البيت روي بالوجهين الجر والرفع وقريب منه كلام المرزوقي وزاد فقال " وحذف النون إذا رفعت " إسار " استطالة للاسم كأنه استطال خطتا ببدله وهو قوله : إما إسار " الخ .
والمعنى : إنا هديناه السبيل في حال أنه متردد أمره بين أحد هذين الوصفين وصف شاكر ووصف كفور فأحد الوصفين على الترديد مقارن لحال إرشاده إلى السبيل وهي مقارنة عرفية أي عقب التبليغ والتأمل فإن أخذ بالهدى كان شاكرا وإن أعرض كان كفورا كمن لم يأخذ بإرشاد من يهديه الطريق فيأخذ في طريق يلقي به السباع أو اللصوص وبذلك تم التمثيل الذي في قوله ( إنا هديناه السبيل ) .
( إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا [ 4 ] )