وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإخبار عن الشمس من التشبيه البليغ وهو تشبيه والقصد منه تقريب المشبه من إدراك السامع فإن السراج كان أقصى ما يستضاء به في الليل وقل من العرب من يتخذوه وإنما كانوا يرونه في أديرة الرهبان أو قصور الملوك وأضرابهم قال امرؤ القيس : .
يضي سناه أو مصابيح راهب ... أمال الذبال بالسليط المفتل ووصفوا قصر غمدان بالإضاءة على الطريق ليلا .
ولم يخبر عن الشمس بالضياء كما في آية سورة يونس ( هو الذي جعل الشمس ضياء ) والمعنى واحد وهو الإضاءة فلعل إيثار السراج هنا لمقاربة تعبير نوح في لغته مع ما فيه من الرعاية على الفاصلة لأن الفواصل التي قبلها جاءت على حروف صحيحة ولو قيل ضياء لصارت الفاصلة همزة والهمزة قريبة من حروف العلة فيثقل الوقف عليها .
وفي جعل القمر نورا إيماء إلى أن ضوء القمر ليس من ذاته فإن القمر مظلم ووفي جعل القمر نورا إيماء إلى أن ضوء القمر ليس من ذاته فإن القمر مظلم وإنما يضيء بانعكاس أشعة الشمس على ما يستقبلها من وجهه بحسب اختلاف ذلك الاستقبال من تبعض وتمام وهو أثر ظهوره هلالا ثم اتساع استنارته إلى أن يصير بدرا ثم ارتجاع ذلك وفي تلك الأحوال يضيء على الأرض إلى أن يكون المحاق . وبعكس ذلك جعلت الشمس سراجا لأنها ملتهبة وأنوارها ذاتية فيها صادرة عنها إلى الأرض وإلى القمر مثل أنوار السراج تملأ البيت وتلمع أواني الفضة ونحوها مما في البيت من الأشياء المقابلة .
وقد اجتمع في قوله ( وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ) استدلال وامتنان .
( والله أنبتكم من الأرض نباتا [ 17 [ ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا [ 18 ] ) أنشأ الاستدلال بخلق السماوات حضور الأرض في الخيال فأعقب نوح به دليله السابق استدلالا بأعجب ما يرونه من أحوال ما على الأرض وهو حال الموت وإقبار ومهد لذلك ما يتقدمه من إنشاء الناس .
وأدمج في ذلك تعليمهم بأن الإنسان مخلوق من عناصر الأرض مثل النبات وإعلامهم بأن بعد الموت حياة أخرى .
وأطلق على معنى : أنشأكم فعل ( أنبتكم ) للمشابهة بين إنشاء الإنسان وإنبات النبات من حيث إن كليهما تكوين كما قال تعالى ( وأنبتها نباتا حسنا ) أي أنشأها وكما يقولون : زرعك الله للخير ويزيد وجه الشبه هنا قربا من حيث إن إنشاء الإنسان مركب من عناصر الأرض وقيل التقدير : أنبت أصلكم أي آدم عليه السلام قال تعالى ( كمثل آدم خلقه من تراب ) .
A E ونباتا : اسم من أنبت عومل معاملة المصدر فوقع مفعولا مطلقا ل ( أنبتكم ) للتوكيد ولم يجر على قياس فعله فيقال : إنباتا لأن نباتا أخف فلما تسنى الإتيان به لأنه مستعمل فصيح لم يعدل عنه إلى الثقيل كمالا في الفصاحة بخلاف قوله بعده ( إخراجا ) فإنه لم يعدل عنه إلى : خروجا لعدم ملاءمته لألفاظ الفواصل قبله المبنية على ألف مثل ألف التأسيس فكما تعد مخالفتها في القافية عيبا كذلك تعد المحافظة عليها في الأسجاع والفواصل كمالا .
وقد أدمج الإنذار بالبعث في خلال الاستدلال ولكونه أهم رتبة في الاستدلال عليهم بأصل الإنشاء عطفت الجملة ب ( ثم ) الدالة على التراخي الرتبي في قوله ( ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ) لأن المقصود من الجملة هو فعل ( يخرجكم ) وأما قوله ( ثم يعيدكم ) فهو تمهيد له .
وأكد يخرجكم بالمفعول المطلق لرد إنكارهم البعث .
( والله جعل لكم الأرض بساطا [ 19 ] لتسلكوا منها سبلا فجاجا [ 20 ] ) هذا استدلال وامتنان ولذلك علق بفعل ( جعل ) مجرور بلام التعليل وهو ( لكم ) أي لأجلكم .
والبساط : ما يفرش للنوم عليه والجلوس من ثوب أو زريبة فالإخبار عن الأرض ببساط تشبيه بليغ أي كالبساط . ووجه الشبه تناسب سطح الأرض في تعادل أجزاءه بحيث لا يوجع أرجل الماشين ولا يقض جنوب المضطجعين وليس المراد أن الله جعل حجم الأرض كالبساط لأن حجم الأرض كروي وقد نبه على ذلك بالعلة الباعثة في قوله ( لكم ) والعلة الغائبة في قوله ( لتسلكوا منها سبلا ) وحصل من مجموع العلتين الإشارة إلى جميع النعم التي تحصل للناس من تسوية سطح الأرض مثل الحرث والزرع وإلى نعمه خاصة وهي السير في الأرض وخصت بالذكر لأنها أهم لاشتراك كل الناس في الاستفادة منها