وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أما مسألة تأخير الآجال والزيادة في الأعمار والنقص منها وتوحيد الأجل عندنا واضطراب أقوال المعتزلة في هل للإنسان أجل واحد أو أجلان فتلك قضية أخرى ترتبط بأصلين : أصل العلم الإلهي بما سيكون وأصل تقدير الله للأسباب وترتب مسبباتها عليها .
فأما ما في علم الله فلا يتغير قال تعالى ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) أي في علم الله والناس لا يطلعون على ما في علم الله .
وأما وجود الأسباب كلها كأسباب الحياة وترتب مسبباتها عليها فيتغير بإيجاد الله مغيرات لم تكن موجودة إكراما لبعض عباده أو إهانة لبعض آخر . وفي الحديث " صدقة المرء المسلم تزيد في العمر " . وهو حديث حسن مقبول . وعن علي عن النبي A " من سره أن يمد في عمره فليتق الله وليصل رحمه " . وسنده جيد فآجال الأعمار المحددة بالزمان أو بمقدار قوة الأعضاء وتناسب حركتها قابلة للزيادة والنقص . وآجال العقوبات الإلهية المحددة بحصول الأعمال المعاقب عليها بوقت قصير أو فيه مهلة غير قابلة للتأخير وهي ما صدق قوله ( إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ) وقد قال الله تعالى ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) على أظهر التأويلات فيه وما في علم الله من ذلك لا يخالف ما يحصل في الخارج .
A E فالذي رغب نوح قومه فيه هو سبب تأخير آجالهم عند الله فلو فعلوه تأخرت آجالهم وبتأخيرها يتبين أن قد تقرر في علم الله أنهم يعملون ما يدعوهم إليه نوح وأن آجالهم تطول وإذ لم يفعلوه فقد كشف للناس أن الله علم أنهم لا يفعلون ما دعاهم إليه نوح وأن الله قاطع آجالهم وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبي A " اعملوا فكل ميسر إلى ما خلق إليه " وقد استعصى فهم هذا على كثير من الناس فخلطوا بين ما هو مقرر في علم الله وما أظهره قدر الله في الخارج الوجودي .
وفي إقحام فعل ( كنتم ) قبل ( تعلمون ) إيذان بأن عملهم بذلك المنتفي لوقوعه شرطا لحرف ( لو ) محقق انتفاؤه كما بيناه في قوله تعالى ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم ) في سورة يونس .
وجواب ( لو ) محذوف دل عليه قوله ( لا يؤخر ) . والتقدير : لأيقنتم أنه لا يؤخر .
( قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا [ 5 ] فلم يزدهم دعائي إلا فرارا [ 6 ] ) جرد فعل ( قال ) هنا من العاطف لأنه حكاية جواب نوح عن قول الله له ( أنذر قومك ) عومل معاملة الجواب الذي يتلقى به الأمر على الفور على طريقة المحاورات التي تقدمت في قوله تعالى ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ) في سورة البقرة تنبيها على مبادرة نوح بإبلاغ الرسالة إلى قومه وتمام حرصه في ذلك كما أفاده قوله ( ليلا ونهارا ) وحصول يأسه منهم فجعل مراجعته ربه بعد مدة مستفادة من قوله ( ليلا ونهارا ) بمنزلة المراجعة في المقام الواحد بين المتحاورين . ولك أن تجعل جملة ( قال رب ) الخ مستأنفة استئنافا بيانيا لأن السامع يترقب معرفة ماذا أجاب قوم نوح دعوته فكان في هذه الجملة بيان ما يترقبه السامع مع زيادة مراجعة نوح ربه تعالى .
وهذا الخبر مستعمل في لازم معناه وهو الشكاية والتمهيد لطلب النصر عليهم لأن المخاطب به عالم بمدلول الخبر . وذلك ما سيفضي إليه بقوله ( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ) الآيات .
وفائدة حكاية ما ناجى به نوج ربه إظهار توكله على الله وانتصار الله له والإتيان على مهمات من العبرة بقصته بتلوين لحكاية أقواله وأقوال قومه وقول الله له . وتلك ثمان مقالات هي : 1 - ( أن أنذر قومك ) الخ .
2 - ( قال يا قوم إني لكم نذير مبين ) الخ .
3 - ( قال رب إني دعوت قومي ) الخ .
4 - ( فقلت استغفروا ربكم ) الخ .
5 - ( قال نوح رب إنهم عصوني ) الخ .
6 - ( ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ) الخ .
7 - ( وقال نوح رب لا تذر على الأرض ) الخ .
8 - ( رب اغفر لي ) الخ .
وجعل دعوته مظروفة في زمني الليل والنهار للدلالة على عدم الهوادة في حرصه على إرشادهم وأنه يترصد الوقت الذي يتوسم أنهم في أقرب إلى فهم دعوته منهم في غيره من أوقات النشاط وهي أوقات النهار ومن أوقات الهدو وراحة البال وهي أوقات الليل