وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتركيب ( ما أدراك ) كذا مما جرى مجرى المثل فلا يغير عن هذا اللفظ وهو تركيب مركب من ( ما ) الاستفهامية وفعل ( أدرى ) الذي يتعدى بهمزة التعدية إلى ثلاثة مفاعيل من باب أعلم وأرى فصار فاعل فعله المجرد وهو ( درى ) مفعولا أول بسبب التعدية . وقد علق فعل ( أدراك ) عن نصب مفعولين ب ( ما ) الاستفهامية الثانية في قوله ( ما الحاقة ) . وصل الكلام قبل التركيب بالاستفهام أن تقول : أدركت الحاقة أمرا عظيما ثم صار أدركني فلان الحاقة أمرا عظيما .
و ( ما ) الأولى استفهامية مستعملة في التهويل والتعظيم على طريقة المجاز المرسل في الحرف لأن الأمر العظيم من شأنه أن يستفهم عنه فصار التعظيم والاستفهام متلازمين . ولك أن تجعل الاستفهام إنكاريا أي لا يدري أحد كنه هذا الأمر .
والمقصود من ذلك على كلا الاعتبارين هو التهويل .
هذا السؤال كما تقول : علمت هل يسافر فلان .
و ( ما ) الثالثة علقت فعل ( أدراك ) عن العمل في مفعولين .
وكاف الخطاب فيه خطاب لغير معين فلذلك لا يقترن بضمير تثنية أو جمع أو تأنيث إذا خوطب به غير المفرد المذكر .
واستعمال ( ما أدراك ) غير استعمال ( ما يدريك ) في قوله تعالى ( وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) وقوله ( وما يدريك لعل الساعة قريب ) في سورة الشورى .
روي عن ابن عباس " كل شيء من القرآن من قوله ( ما أدراك ) فقد أدراه وكل شيء من قوله ( وما يدريك ) فقد طوي عنه " . وقد روي هذا أيضا عن سفيان ابن عيينة وعن يحيى بن سلام فإن صح هذا المروي فإن مرادهم أن مفعول ( ما أدراك ) محقق الوقوع لأن الاستفهام فيه للتهويل وإن مفعول ( ما يدريك ) غير محقق الوقوع لأن الاستفهام فيه للإنكار وهو في معنى نفي الدراية .
وقال الراغب : كل موضع ذكر في القرآن من قوله ( وما أدراك ) فقد عقب ببيانه نحو ( وما أدراك ما هي نار حامية ) ( وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) ( وما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) ( وما أدراك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة ) . وكأنه يريد تفسير ما نقل عن ابن عباس وغيره .
ولم أرى من اللغويين من وفى هذا التركيب حقه من البيان وبعضه لم يذكره أصلا .
( كذبت ثمود وعاد بالقارعة [ 4 ] ) A E إن جعلت قوله ( وما أدراك ما الحاقة ) نهاية كلام فموقع قوله ( كذبت ثمود وعاد بالقارعة ) وما اتصل به استئناف وهو تذكير لما حل بثمود وعاد لتكذيبهم بالبعث والجزاء تعريضا بالمشركين من أهل مكة بتهديدهم أن يحق عليه مثل ما حل بثمود وعاد فإنهم سواء في التكذيب بالبعث وعلى هذا يكون قوله ( الحاقة ) الخ توطئة له وتمهيدا لهذه الموعظة العظيمة استرهابا لنفوس السامعين .
وإن جعلت الكلام متصلا بجملة ( كذبت ثمود وعاد بالقارعة ) وعينت لفظ ( الحاقة ) يوم القيامة وكانت هذه الجملة خبرا ثالثا عن ( الحاقة ) .
والمعنى : الحاقة كذبت بها ثمود وعاد فكان مقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير ( الحاقة ) فيقال : كذبت ثمود وعاد بها فعدل إلى إظهار اسم ( القارعة ) لأن ( القارعة ) مرادفة ( الحاقة ) في أحد محملي لفظ ( الحاقة ) وهذا كالبيان للتهويل الذي في قوله ( وما أدراك ما الحاقة ) .
و ( القارعة ) مراد منها ما أريد ب ( الحاقة ) .
وابتدئ بثمود وعاد في الذكر من بين الأمم المكذبة لأنهما أكثر الأمم المكذبة شهرة عند المشركين من أهل مكة لأنهما من الأمم العربية ولأن ديارهما مجاورة شمالا وجنوبا .
والقارعة : اسم فاعل من قرعه إذا ضربه ضربا قويا يقال : قرع البعير . وقالوا : العبد يقرع بالعصا وسميت المواعظ التي تنكسر لها النفس قوارع لما فيها من زجر الناس عن أعمال . وفي المقامة الأولى " ويقرع الأسماع بزواجر وعظة " ويقال للتوبيخ تقريع وفي المثل " لا تقرع له العصا ولا يقلقل له الحصى " ومورده بعامر بن الضرب العدواني في قصة أشار إليها المتلمس في بيت .
ف ( القارعة ) هنا صفة لموصوف محذوف يقدر لفظه مؤنثا ليوافق وصفه المذكور نحو الساعة أو القيامة . القارعة : أي التي تصيب الناس بالأهوال والأفزاع أو التي تصيب الموجودات بالقرع مثل دك الحبال وخسف الأرض وطمس النجوم وكسوف الشمس كسوفا لا انجلاء له فشبه ذلك بالقرع