وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وذيل هذا الاعتراض بقوله ( إن الكافرون إلا في غرور ) أي ذلك شأن الكافرين كلهم وهم أهل الشرك من المخاطبين وغيرهم أي في غرور من الغفلة عن توقع بأس الله تعالى أو في غرور من اعتمادهم على الأصنام كما غر الأمم السالفة دينهم بأن الأوثان تنفعهم وتدفع عنهم العذاب فلم يجدوا ذلك منهم وقت الحاجة فكذلك سيقع لأمثالهم قال تعالى ( وللكافرين أمثالها ) وقال ( أكفاركم خير من أولئكم ) فتعريف ( الكافرون ) للاستغراق . وليس المراد به كافرون معهودون حتى يكون من وضع المظهر موضع الضمير .
والغرور : ظن النفس وقوع أمر نافع لها بمخائل تتوهمها وهو بخلاف ذلك أو هو غير واقع .
وتقدم في قوله تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد ) في آخر آل عمران وقوله ( يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) في الأنعام وقوله ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) في سورة فاطر .
والظرفية مجازية مستعملة في شدة التلبس بالغرور حتى كأن الغرور محيط بهم إحاطة الظرف .
والمعنى : ما الكافرون في حال من الأحوال إلا في حال الغرور وهذا قصر إضافي لقلب اعتقادهم أنهم في مأمن من الكوارث بحماية آلهتهم .
( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) انتقال آخر والكلام على أسلوب قوله ( أم من هذا الذي هو جند لكم ) وهذا الكلام ناظر إلى قوله ( وكلوا من رزقه ) على طريقة اللف والنشر المعكوس .
والرزق : ما ينتفع به الناس ويطلق على المطر وعلى الطعام كما تقدم في قوله تعالى ( وجد عندها رزقا ) .
وضمير ( أمسك ) وضمير ( رزقه ) عائدان إلى لفظ ( الرحمان ) الواقع في قوله ( من دون الرحمان ) .
وجيء بالصلة فعلا مضارعا لدلالته على التجدد لأن الرزق يقتضي التكرار إذ حاجة البشر إليه مستمرة . وكتب ( أمن ) في المصحف بصورة كلمة واحدة كما كتب نظيرتها المتقدمة آنفا .
( بل لجوا في عتو ونفور [ 21 ] ) استئناف بياني وقع جوابا عن سؤال ناشئ عن الدلائل والقوارع والزواجر والعظات والعبر المتقدمة ابتداء من قوله ( الذي خلق الموت والحياة ) إلى هنا فيتجه للسائل أن يقول : لعلهم نفعت عندهم الآيات والنذر واعتبروا بالآيات والعبر فأجيب بإبطال ظنه بأنهم لجوا في عتو ونفور .
و ( بل ) للاضطراب أو الإبطال عما تضمنه الاستفهامان السابقان أو للانتقال من غرض التعجيز إلى الإخبار عن عنادهم .
يقال : لج في الخصومة من باب سمع أي اشتد في النزاع والخصام أي استمروا على العناد يكتنفهم العتو والنفور أي لا يترك مخلصا للحق إليهم فالظرفية مجازية والعتو : التكبر والطغيان .
والنفور : هو الاشمئزاز من الشيء والهروب منه .
A E والمعنى : اشتدوا في الخصام متلبس بالكبر عن اتباع الرسول حرصا على بقاء سيادتهم وبالنفور عن الحق لكراهية ما يخالف أهواءهم وما ألفوه من الباطل .
( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صرط مستقيم [ 22 ] ) هذا مثل ضربه الله للكافرين والمؤمنين أو لرجلين : كافر ومؤمن لأنه جاء مفرعا على قوله ( إن الكافرون إلا في غرور ) وقوله ( بل لجوا في عتو ونفور ) وما اتصل ذلك به من الكلام الذي سيق مساق الحجة عليهم بقوله ( أمن هذا الذي هو جند لكم ) ( أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه ) وذلك مما اتفق عليه المفسرون على اختلاف مناحيهم ولكن لم يعرج أحد منهم على بيان كيف يتعين التمثيل الأول للكافرين والثاني للمؤمنين حتى يظهر وجه إلزام الله المشركين بأنهم أهل المثل الأول مثل السوء فإذا لم يتعين ذلك من الهيئة المشبهة لم يتضح إلزام المشركين بأن حالهم حال التمثيل الأول فيخال كل من الفريقين أن خصمه هو مضرب المثل السوء . ويتوهم أن الكلام ورد على طريقة الكلام المنصف نحو ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) بذلك ينبو عنه المقام هنا لأن الكلام هنا وارد في مقام المحاجة والاستدلال وهنالك في مقام المتاركة أو الاستنزال