وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي قوله ( الذي أنزلنا ) التفات من الغيبة إلى المتكلم لزيادة الترغيب في الإيمان بالقرآن تذكيرا بأنه منزل من الله لأن ضمير التكلم أشد دلالة على معاده من ضمير الغائب ولتقوية داعي المأمور .
وجملة ( والله بما تعملون خبير ) تذييل لجملة ( فآمنوا بالله ورسوله ) يقتضي وعدا إن آمنوا ووعيدا إن لم يؤمنوا .
وفي ذكر اسم الجلالة إظهار في مقام الإضمار لتكون الجملة مستقلة جارية مجرى المثل والكلم الجوامع ولأن الاسم الظاهر أقوى دلالة من الضمير لاستغنائه عن تطلب المعاد . وفيه من تربية المهابة ما في قول الخليفة " أمير المؤمنين يأمركم بكذا " .
والخبير : العليم وجيء هنا بصفة ( الخبير ) دون : البصير لأن ما يعلمونه منه محسوسات ومنه غير محسوسات كالمعتقدات ومنها الإيمان بالبعث فعلق بالوصف الدال على تعلق العلم الإلهي بالموجودات كلها بخلاف قوله فيما تقدم وهو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير ) فإن لكفر الكافرين وإيمان المؤمنين آثارا ظاهرة محسوسة فعلقت بالوصف الدال على تعلق العلم الإلهي بالمحسوسات .
( يوم يجمعكم ليوم الجمع ) متعلق بفعل ( لتنبؤن بما علمتم ) الذي هو كناية عن ( تجازون ) على تكذيبكم بالبعث فيكون من تمام ما أمر النبي A بأن يقوله لهم ابتداء من قوله تعالى ( قل بلى وربي لتبعثن ) .
والضمير المستتر في ( يجمعكم ) عائد إلى اسم الجلالة في قوله ( والله بما تعملون خبير ) .
ومعنى ( يجمعكم ) يجمع المخاطبين والأمم من الناس كلهم قال تعالى ( هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين ) .
ويجوز أن يراد الجمع الذي في قوله تعالى ( أيحسب لإنسان أن لن نجمع عظامه ) وهذا زيادة تحقيق للبعث الذي أنكروه .
واللام في ( ليوم الجمع ) يجوز أن يكون للتعليل أي يجمعكم لأجل اليوم المعروف بالجمع المخصوص . وهو الذي لأجل جمع الناس أي يبعثكم لأجل أن يجمع الناس كلهم للحساب فمعنى ( الجمع ) هذا غير معنى الذي في ( يجمعكم ) .
A E فليس هذا من تعليل الشيء بنفسه بل هو من قبيل التجنيس .
ويجوز أن يكون اللام بمعنى ( في ) على نحو ما قيل في قوله تعالى ( لا يجليها لوقتها إلا هو ) وقوله ( يا ليتني قدمت لحياتي ) وقول العرب : مضى لسبيله أي في طريقه وهو طريق الموت .
والأحسن عندي أن يكون اللام للتوقيت وهي التي بمعنى ( عند ) كالتي في قولهم : كتب لكذا مضين مثلا وقوله تعالى ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) . وهو استعمال يدل على شدة الاقتراب ولذلك فسروه بمعنى ( عند ) ويفيد هنا : أنهم مجموعون في الأجل المعين دون تأخير ردا على قولهم ( لن يبعثوا ) فيتعلق قوله ( ليوم الجمع ) بفعل ( يجمعكم ) .
ف ( يوم الجمع ) هو يوم الحشر . وفي الحديث ( يجمع الله الأولين والآخرين ) الخ . جعل المركب الإضافي لقبا ليوم الحشر قال تعالى ( وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير ) .
وقرأ الجمهور ( يجمعكم ) بياء الغائب . وقرأ يعقوب بنون العظمة .
( ذلك يوم التغابن ) اعتراض بين جملة ( ثم لتنبؤن بما عملتم ) بمتعلقها وبين جملة ( ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا نكفر عنه سيئاته ) اعتراضا يفيد تهويل هذا اليوم تعريضا بوعيد المشركين بالخسارة في ذلك اليوم : أي بسوء المنقلب .
والإتيان باسم الإشارة في مقام الضمير لقصد الاهتمام بتمييزه أكمل تمييز مع ما يفيد اسم إشارة البعيد من علو المرتبة على نحو ما تقدم في قوله ( ذلك الكتاب ) في سورة البقرة .
والتغابن : مصدر غابنة من باب المفاعلة الدالة على حصول الفعل من جانبين أو أكثر .
وحقيقة صيغة المفاعلة أن تدل على حصول الفعل الواحد من فاعلين فاكثر على وجه المشاركة في ذلك الفعل .
والغبن أن يعطى البائع ثمنا دون حق قيمته التي يعوض بها مثله .
فالغبن يؤول إلى خسارة البائع في بيعه فلذلك يطلق الغبن على مطلق الخسران مجازا مرسلا كما في قول الأعشى : .
لا يقبل الرشوة في حكمه ... ولا يبالي غبن الخاسر فليست مادة التغابن في قوله ( يوم التغابن ) مستعملة في حقيقتها إذ لا تعارض حتى يكون فيه غبن بل هو مستعمل في معنى الخسران على وجه المجاز المرسل