وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذه الجملة أشد ارتباطا بجملة ( خلق السماوات والأرض بالحق ) منها بجملة ( وصوركم فأحسن صوركم ) كما يظهر بالتأمل .
( يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور [ 4 ] ) كانوا ينفون الحشر بعلة أنه إذا تفرقت أجزاء الجسد لا يمكن جمعها ولا يحاط بها . ( وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد ) فكان قوله تعالى ( يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون ) دحضا لشبهتهم أي أن الذي يعلم ما في السماوات والأرض لا يعجزه تفرق أجزاء البدن إذا أراد جمعها . والذي يعلم السر في نفس الإنسان والسر أدق وأخفى من ذرات الأجساد المتفرقة لا تخفى عليه مواقع تلك الأجزاء الدقيقة ولذلك قال تعالى ( أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه ) .
فالمقصود هو قوله ( ويعلم ما تسرون ) كما يقتضيه الاقتصار عليه في تذييله بقوله ( والله عليم بذات الصدور ) ولم يذكر أنه عليم بأعمال الجوارح ولأن الخطاب للمشركين في مكة على الراجح . وذلك قبل ظهور المنافقين فلم يكن قوله ( ويعلم ما تسرون وما تعلنون ) تهديد على ما يبطنه الناس من الكفر .
وأما عطف ( وما تعلنون ) فتتميم للتذكير بعموم تعلق علمه تعالى بالأعمال .
وقد تضمن قوله ( ويعلم ما تسرون وما تعلنون ) وعيدا ووعدا ناظرين إلى قوله ( فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) فكانت الجملة لذلك شديدة الاتصال بجملة ( هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) .
A E وإعادة فعل ( يعلم ) للتنبيه على العناية بهذا التعلق الخاص للعلم الإلهي بعد ذكر تعلقه العام في قوله ( يعلم ما في السماوات والأرض ) تنبيها على الوعيد والوعد بوجه خاص .
وجملة ( والله عليم بذات الصدور ) تذييل لجملة ( ويعلم ما تسرون ) لأنه يعلم ما سيره جميع الناس من المخاطبين وغيرهم .
و ( ذات الصدور ) صفة لموصوف محذوف نزلت منزلة موصوفها أي صاحبات الصدور أي المكتومة فيها .
والتقدير : بالنوايا والخواطر ذات الصدور كقوله ( وحملناه على ذات ألواح ) وتقدم بيانه عند قوله تعالى ( إنه عليم بذات الصدور ) في سورة الأنفال .
( ألم يأتكم نبؤا الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم [ 5 ] ) انتقال من التعريض الرمزي بالوعيد الأخروي في قوله ( والله بما تعملون بصير ) إلى قوله ( وإليه المصير ) وقوله ( ويعلم ما تسرون وما تعلنون ) إلى تعريض أوضح منه بطريق الإيماء إلى وعيد لعذاب دنيوي وأخروي معا فأن ما يسمى في باب الكناية بالإيمان أقل لازم من العريض والرمز فهو أقرب إلى التصريح . وهذا الإيماء بضرب المثل بحال أمم تلقوا رسلهم بمثل ما تلقى به المشركون محمد A تحذيرا لهم من أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك فالجملة ابتدائية لأنها عد لصنف ثان من أصناف كفرهم وهو إنكار الرسالة .
فالخطاب لخصوص الفريق الكافر بقرينة قوله ( الذين كفروا من قبل ) فهذا الخطاب موجه للمشركين الذين حالهم كحال من لم يبلغهم نبأ الذين كفروا مثل كفرهم مثل عاد وثمود ومدين وقوم إبراهيم .
والاستفهام تقريري والتقريري يؤتى معه بالجملة منفية توسعة على المقرر إن كان يريد الإنكار حتى إذا أقر لم يستطع بعد إقراره إنكارا لأنه قد أعذر له من قبل بتلقينه النفي وقد تقدم غير مرة .
وحذف ما أضيف إليه قبل ونوي معناه والتقدير : من قبلكم أي في الكفر بقرينة قوله ( فمنكم كافر ) . والكافرون يعلمون أنهم المقصود لأنهم مقدمون على الكفر ومستمرون عليه .
والوبال : السوء وما يكره .
والأمر : الشأن والحال .
والذوق مجاز في مطلق الإحساس والوجدان شبه ما حل بهم من العذاب بشيء ذي طعم كريه يذوقه من حل به ويبتلعه لأن الذوق باللسان أشد من اللمس باليد أو الجلد . والمعنى : أحسوا العذاب في الدنيا إحساسا مكنيا .
وقوله ( ولهم عذاب أليم ) مراد به عذاب الآخرة لأن العطف يقتضي المغايرة .
( ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد [ 6 ] )