وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

استئناف بياني ناشئ عن قوله ( فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) يبين أن انقسامهم إلى قسمي الكافرين والمؤمنين نشأ عن حياد فريق من الناس عن الحق الذي أقيم عليه خلق السماوات والأرض لأن الحق أن يؤمن الناس بوجود خالقهم وبأنه واحد وأن يفردوه بالعبادة فذلك الذي أراده الله من خلقهم قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) . وقال ( فأقم وجهك للذين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) فمن حاد عن الإيمان ومال إلى الكفر فقد حاد عن الحق والفطرة .
( بالحق ) وقوله ( بالحق ) معترض بين جملة ( خلق السماوات والأرض ) وجملة ( وصوركم ) .
وفي قوله ( بالحق ) إيماء إلى إثبات البعث والجزاء لأن قوله بالحق متعلق بفعل ( خلق ) تعلق الملابسة المفاد بالباء أي خلقا ملابسا للحق والحق ضد الباطل ألا ترى إلى قوله تعالى ( إن في خلق السماوات والأرض ) إلى قوله ( ربنا ما خلقت هذا باطلا ) . والباطل ما صدقه هنالك هو العبث لقوله تعالى ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ) فتعين أن ما صدق الحق في قوله ( خلق السماوات والأرض بالحق ) أنه ضد العبث والإهمال .
والمراد ب ( خلق السماوات والأرض ) خلق ذواتهن وخلق ما فيهن من المخلوقات كما أنبأ عنه قوله ( وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ) أي ما خلقناهما وما بينهما إلا بالحق فكذلك يكون التقدير في الآية من هذه السورة .
A E وملابسة الحق لخلق السماوات والأرض يلزم أن تكون ملابسة عامة مطردة لأنه لو اختلت ملابسة حال من أحوال مخلوقات السماوات للحق لكان ناقضا لمعنى ملابسة خلقها للحق فكان نفي البعث للجزاء على أعمال المخلوقات موجبا اختلال تلك الملابسة في بعض الأحوال . وتخلف الجزاء عن الأعمال في الدنيا مشاهد إذ كثيرا ما نرى الصالحين في كرب ونرى أهل الفساد في نعمة فلو كانت هذه الحياة الدنيا قصارى حياة المكلفين لكان كثير من أهل الصلاح غير لاق جزاء على صلاحه . وانقلب أكثر أهل الفساد متمتعا بإرضاء خباثة نفسه ونوال مشتهياته فكان خلق كلا هذين الفريقين غير ملابس للحق بالمعنى المراد .
ولزيادة الإيقاظ لهذا الإيماء عطف عليه قوله ( وإليه المصير ) وكل ذلك توطئة إلى ما سبقه من قوله تعالى ( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ) الآية .
وفي قوله ( بالحق ) رمز إلى الجزاء وهو وعيد ووعد .
وفي قوله ( خلق السماوات ) إلى آخره إظهار أيضا لعظمة الله في ملكوته .
( وصوركم فأحسن صوركم ) إدماج امتنان على الناس بأنهم مع ما خلقوا عليه من ملابسة الحق على وجه الإجمال وذلك من الكمال وهو ما اقتضته الحكمة الإلهية فقد خلقوا في أحسن تقويم إذ كانت صورة الإنسان مستوفية الحسن متماثلة فيه لا يعتورها من فظاعة بعض أجزائها ونقصان الانتفاع بها ما يناكد محاسن سائرها بخلاف محاسن أحاسن الحيوان من الدواب والطير والحيتان من مشي على أربع مع انتكاس الرأس غالبا أو زحف أو نقز في المشي في البعض .
ولا تعتور الإنسان نقائص في صورته إلا من عوارض تعرض في مدة تكوينه من صدمات لبطون الأمهات أو علل تحل بهن أو بالأجنة أو من عوارض تعرض له في مدة حياته فتشوه بعض محاسن الصور . فلا يعد ذلك من أصل تصوير الإنسان على أن ذلك مع ندرته لا يعد فظاعة ولكنه نقص نسبي في المحاسن فقد جمع بين الإيماء إلى ما اقتضته الحكمة قد نبههم إلى ما اقتضاه الإنعام . وفيه إشارة إلى دليل إمكان البعث كما قال ( أفعيينا بالخلق الأول ) وقال ( أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم ) .
( وإليه المصير [ 3 ] ) عطف على جملة ( وصوركم ) لأن التصوير يقتضي الإيجاد فأعقب بالتذكير بأن بعد هذا الإيجاد فناء ثم بعثا للجزاء .
والمصير مصدر ميمي لفعل صار بمعنى رجع وانتهى ولذلك يعدى بحرف الانتهاء أي ومرجعكم إليه يعني بعد الموت وهو مصير الحشر للجزاء .
وتقديم ( إليه ) على ( المصير ) للرعاية على الفاصلة مع إفادة الاهتمام بتعلق ذلك المصير بتصرف الله المحض . وليس مرادا بالتقديم قصر لأن المشركين لا يصدقون بهذا المصير من أصله بله أن يدعوا أنه مصير إلى غيره حتى يرد عليهم بالقصر