وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومنهم من أظهروا الإيمان كذبا وهذا هو الفريق الأكثر . وليس ما أظهروه في سيء من الإيمان وقد قال الله تعالى في مثلهم ( وكفروا بعد إسلامهم ) مسماة إسلاما ولم يسمه إيمانا . ومنهم الذين قال الله تعالى فيهم ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) . وإطلاق الإيمان على مثل هذا الفريق مجاز بعلاقة الصورة وهو كإسناد فعل ( يحذر ) في قوله تعالى ( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة ) الآية في سورة براءة .
وعلى هذا الاعتبار يجوز أن يكون ( ثم ) مستعملا في معنييه الأصلي والمجازي على ما يناسب محمل فعل ( آمنوا ) .
ولو حمل المنافقون على واحد معين وهو عبد الله بن أبي جاز أن يكون ابن أبي آمن ثم كفر فيكون إسناد ( آمنوا ) حقيقة وتكون ( ثم ) للتراخي في الزمان .
وتفريع ( فهم لا يفقهون ) على قوله ( آمنوا ثم كفروا ) فصار كفرهم بع الإيمان على الوجوه السابقة سببا في سوء أعمالهم بمقتضى باء السببية وسببا في انتفاء إدراكهم الحقائق النظرية بمقتضى فاء التفريع .
والفقه : فهم للحقائق الخفية .
والمعنى : أنهم لا يدركون دلائل الإيمان حتى يعلموا أحقيته .
( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة ) هذا انتقال إلى وضح بعض أحوالهم التي لا يبرزونها إذا جاؤوا إلى النبي A ولكنها تبرز من مشاهدتهم فكان الوضح الأول مفتتحا ب ( إذا جاءك المنافقون ) وهذا الوضح مفتتحا ب ( إذا رأيتهم ) .
فجملة ( وإذا رأيتهم ) معطوفة على جملة ( فهم لا يفقهون ) واقعة موقع الاحتراس والتتميم لدفع إيهام من يغره ظاهر صورهم .
واتبع انتفاء فقه عقولهم بالتنبيه على عدم الاغترار بحسن صورهم فإنها أجسام خالية عن كمال الأنفس كقول حسان ولعله أخذه من هذه الآية : .
لا بأس بالقوم من طول ومن غلظ ... جسم البغال وأحلام العصافير وتفيد مع الاحتراس تنبيها على دخائلهم بحيث لو حذف حرف العطف من الجملتين لصح وقوعهما موقع الاستئناف الابتدائي . ولكن أوثر العطف للتنبيه على أن هاتين صفتان تحسبان كمالا وهما نقيصتان لعدم تناسقهما مع ما شأنه أن يكون كمالا . فإن جمال النفس كجمال الخلقة إنما يحصل بالتناسب بين المحاسن وإلا فربما انقلب الحسن موجب نقص .
A E فالخطاب في هذه الآية لغير معين يشمل كل من يراهم ممن يظن أن تغره صورهم فلا يدخل فيه النبي A لأن الله قد أطعمه على أحوالهم وأوقفه على تعيينهم فهو كالخطاب الذي في قوله في سورة الكهف ( لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا ) .
والظاهر أن المراد بضمير الجمع واحد معين أو عدد محدود إذ يبعد أن يكون جميع المنافقين أحاسن الصور . وعن ابن عباس كان ابن أبي جسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان . وقال الكلبي : المراد ابن أبي والجد بن قيس ومعتب بن قشير كانت لهم أجسام ومنظر وفصاحة . وقال في الكشاف : وقوم من المنافقين في مثل صفة ابن أبي رؤساء المدينة .
وأجسام : جمع جسم بكسر الجيم وسكون السين وهو ما يقصد بالإشارة إليه أو ما له طول وعرض وعمق . وتقدم في قوله تعالى ( وزاده بسطة في العلم والجسم ) في سورة البقرة . وجملة ( وإن يقولوا تسمع لقولهم ) معترضة بين جملة ( وإذا رأيتهم ) الخ وبين جملة ( كأنهم خشب مسندة ) .
والمراد بالسماع في قوله ( تسمع لقولهم ) الإصغاء إليهم لحسن إبانتهم وفصاحة كلامهم مع تغريرهم بحلاوة معانيهم تمويه حالهم على المسلمين .
فاللام في قوله ( لقولهم ) لتضمين ( تسمع ) معنى : تصغ أيها السامع إذ ليس في الإخبار بالسماع للقول فائدة لولا أنه ضمن معنى الإصغاء لوعي كلامهم .
وجملة ( كأنهم خشب مسندة ) مستأنفة استئنافا بيانيا جوابا عن سؤال ينشأ عن وصف حسن أجسامهم وذلاقة كلامهم فإنه في صورة مدح فلا يناسب ما قبله من ذمهم فيترقب السامع ما يرد بعد هذا الوصف .
ويجوز أن تكون الجملة حالا من ضميري الغيبة في قوله ( رأيتهم تعجبك أجسامهم ) .
ومعناه أن حسن صورهم لا نفع فيه لأنفسهم ولا للمسلمين