وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والكذب : مخالفة ما يفيده الخبر للواقع في الخارج أي الوجود فمعنى كون المنافقين كاذبون هنا انهم كاذبون في إخبارهم عن أنفسهم بأنهم يشهدون بأن محمدا A رسول الله لأن خبرهم ذلك مخالف لما في أنفسهم فهم لا يشهدون به ولا يوافق قولهم ما في نفوسهم . وبهذا بطل احتجاج النظام بظاهر هذه الآية على رأيه أن الكذب مخالفة الخبر لاعتقاد المخبر لأنه غفل عن قوله تعالى ( قالوا نشهد ) . وقد أشار إلى هذا الرد القزويني في تلخيص المفتاح وفي الإيضاح .
وجملة ( إن المنافقين لكاذبون ) مبينة لجملة ( يشهد ) مثل سابقتها .
( اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون [ 2 ] ) استئناف بياني لأن تكذيب الله تعالى إياهم في قولهم للنبي A ( نشهد إنك لرسول الله ) يثير في أنفس السامعين سؤالا عن أيمانهم لدى النبي A بأنهم مؤمنون به وأنهم لا يضمرون بغضه فأخبر الله عنهم بأنهم اتخذوا أيمانهم تقية يتقون بها وقد وصفهم الله بالحلف بالأيمان الكاذبة في آيات كثيرة من القرآن .
والجنة : ما يستتر به ويتقى ومنه سميت الدرع جنة .
والمعنى : جعلوا أيمانهم كالجنة يتقي بها ما يلحق من أذى . فلما شبهت الأيمان بالجنة على طريقة التشبيه البليغ أتبع ذلك بتشبيه الحلف باتخاذ الجنة إي استعمالها ففي ( اتخذوا ) استعارة تبعية وليس هذا خاصا بحلف عبد الله بن أبي أنه ما قال ( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) كما تقدم في ذكر سبب نزولها بل هو أعم ولذلك فالوجه حمل ضمائر الجمع في قوله ( اتخذوا أيمانهم ) الآية على حقيقتها أي اتخذ المنافقون كلهم أيمانهم جنة أي كانت تلك تقيتهم أي تلك شنشنة معروفة فيهم .
( فصدوا عن سبيل الله ) تفريع لصدهم عن سبيل الله على الحلف الكاذب لأن اليمين الفاجرة من كبائر الإثم لما فيها من الاستخفاف بجانب الله تعالى ولأنهم لما حلفوا على الكذب ظنوا أنهم قد آمنوا اتهام المسلمين إياهم بالنفاق فاستمروا على الكفر والمكر بالمسلمين وذلك صد عن سبيل الله أي إعراض عن الأعمال التي أمر الله بسلوكها .
وفعل ( صدوا ) هنا قاصر الذي قياس مضارعة يصد بكسر الصاد .
A E وجملة ( إنهم ساء ما كانوا يعملون ) تذييل لتفظيع حالهم عن السامع . وساء من أفعال الذم تلحق ببئس على تقدير تحويل صيغة فعلها عن فعل المفتوح العين إلى فعل المضمومها لقصد إفادة الذم مع إفادة التعجب بسبب ذلك التحويل كما نبه عليه صاحب الكشاف وأشار إليه صاحب التسهيل .
( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون [ 3 ] ) جملة في موضع العلة لمصمون جملة ( اتخذوا أيمانهم جنة ) .
والإشارة إلى مضمون قوله ( إنهم ساء ما كانوا يعملون ) أي سبب إقدامهم على الأعمال السيئة المتعجب من سوئها هو استخفافهم بالأيمان ومراجعتهم الكفر مرة بعد أخرى فرسخ الكفر في نفوسهم فتجرأت أنفسهم على الجرائم وضربت بها حتى صارت قلوبهم كالمطبوع عليها أن لا يخلص إليها الخير .
فقوله ( بأنهم آمنوا ) خبر عن اسم الإشارة . ومعنى الباء السببية . و ( ثم ) للتراخي الرتبي فإن إبطال الكفر مع إظهار الإيمان أعظم من الكفر الصريح . وأن كفرهم أرسخ فيهم من إظهار أيمانهم .
ويجوز أن يراد مع ذلك التراخي في الزمن وهو المهلة .
فإسناد فعل ( آمنوا ) إليهم مع الإخبار عنهم قبل ذلك بأنهم كاذبون في قولهم ( نشهد إنك لرسول الله ) مستعمل في حقيقته ومجازة فإن مراتب المنافقين متفاوتة في النفاق وشدة الكفر فمنهم من آمنوا لما سمعوا آيات القرآن أو لاحت لهم أنوار من النبي A لم تثبت في قلوبهم .
ثم رجعوا إلى الكفر للوم أصحابهم عليهم أو لإلقائهم الشك في نفوسهم قال ابن عطية : وقد كان هذا موجود . فقلت : ولعل الذين تابوا وحسن إسلامهم من هذا الفريق . فهؤلاء إسناد الإيمان إليهم حقيقة .
ومنهم من خالجهم خاطر الإيمان فيرددوا وقاربوا أن يؤمنوا ثم نكصوا على أعقابهم فشابه أول حالهم المؤمنين حين خطور الإيمان في قلوبهم