وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( وليسألوا ما أنفقوا ) تكملة لقوله ( واسألوا ما أنفقتم ) لإفادة أن معنى واو العطف هنا على المعية بالقرينة لأن قوله ( وليسألوا ما أنفقوا ) لو أريد حكنة بمفرده لكان مغنيا عند قوله ( وآتوهم ما أنفقوا ) فلما ككر عقب قوله ( وسئلوا ما أنفقتم ) علمنا أن المراد جمع مضمون الجملتين أي إذا أعطوا ما عليهم أعطوهم ما عليكم وإلا فلا . فالواو مفيدة معنى المعية هنا بالقرينة . وينبغي أن يحمل عليه ما قاله بعض الحنفية من أن معنى واو العطف المعية . قال إمام الحرمين في البرهان في معاني الواو : " اشتهر من مذهب الشافعي أنها للترتيب وعند بعض الحنفية أنها للمعية . وقد زل الفريقان " اه . وقد أشار إليه في مغني اللبيب ولم يرده . وقال المازري في شرح البرهان : " وأما قولهم : لا تأكل السمك وتشرب اللبن " فإن المراد النهي عن تناول السمك وتناول اللبن فيكون الإعراب مختلفا فإذا قال : وتشرب اللبن بفتح الباء كان نهيا عن الجمع ويكون الانتصاب بمعنى تقدير حرف " أن " اه . وهو يرمي إلى أن هذا المحمل يحتاج إلى قرينة .
فأفاد قوله ( ولسألوا ما أنفقوا ) أنهم إن أبوا من دفع مهور نساء المسلمين يفرون إليهم كان ذلك مخولا للمؤمنين أن لا يعطوهم مهور من فروا من أزواجهم إلى المسلمين كما يقال في الفقه خيرته تنفي ضروه .
( ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم [ 10 ] ) أي هذا حكم الله وهو عدل بين الفريقين إذ ليس لأحد أن يأخذ بأحد جانبيه ويترك الآخر . قال الزهري : لولا العهد لأمسك النساء ولم يرد إلى أزواجهم صداق . وجملة ( يحكم بينكم ) يجوز كونها حالا من اسم الجلالة أو حالا من ( حكم الله ) مع تقدير ضمير يربط الجملة بصاحب الحال تقديره : يحكمه بينكم وأن تكون استئنافا .
وقوله ( والله عليم حكيم ) تذييل يشير إلى أن هذا حكم يقتضيه علم الله بحاجات عباده وتقتضيه حكمته إذ أعطى كل ذي حق حقه .
A E وقد كانت هذه الأحكام التي غي هذه الآيات من التراد في المهور شرعا في أحوال مخصوصة اقتضاها اختلاط الأمر بين أهل الشرك والمؤمنين وما كان من عهد المهادنة بين المسلمين والمشركين في أوائل أمر الإسلام خاصا بذلك الزمان بإجماع أهل العلم قاله ابن العربي والقرطبي وأبو بكر الجصاص .
( وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون [ 11 ] ) عطف على جملة ( واسألوا ما أنفقتم ) فإنها لما ترتب على نزولها إباء المشركين من أن يردوا إلى أزواج النساء اللاء بقين على الكفر بمكة واللاء فررن من المدينة والتحقن بأهل الكفر بمكة مهورهم التي كانوا أعطوها نساءهم عقبت بهذه الآية لتشريع رد تلك المهور من أموال المسلمين فيما بينهم .
روي أن المسلمين كتبوا إلى المشركين يعلمونهم بما تضمنته هذه الآية من التراد بين الفريقين في قوله تعالى ( واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ) .
فامتنع المشركون من دفع مهور النساء اللاتي ذهبت إليهم فنزل قوله تعالى ( وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار ) الآية .
وأصل الفوت : المفارقة والمباعدة والتفاوت : المتباعد . والفوت هنا مستعار لضياع الحق كقول رويشد بن كثير الطائي أو عمرو بن معد يكرب : .
إن تذنبوا ثم تأتيني بقيتكم ... فما علي بذنب منكم فوت أي فلا ضياع علي بما أذنتم أي فإنا كمن لم يضع له حق .
والمعنى : إن فرت بعض أزواجكم ولحقت بالكفار وحصل التعاقب بينكم وبين الكفار فعقبتم على أزواج الكفار وعقب الكفار على أزواجكم وأبى الكفار من دفع مهور بعض النساء اللاء ذهبن إليهم فادفعوا أنتم لمن حرمه الكفار مهر امرأته أي ما هو حقه واحتجزوا بذلك على الكفار . وهذا يقتضي أنه إن أعطي جميع المؤمنين مهور من فاتهم من نسائهم وبقي للمشركين فضل يرده المسلمون إلى الكفار . وهذا تفسير الزهري في رواية يونس عنه وهو أظهر ما فسرت به الآية .
وعن ابن عباس والجمهور : الذين فاتهم أزواجهم إلى الكفار يعطون مهور نسائهم من مغانم المسلمين . وهذا يقتضي أن تكون الآية منسوخة بآية سورة براءة ( كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله )