وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد يأتي بمثل هذا الشرط من يظهر وجوب العمل على مقتضى ما حصل من فعل الشرط وأن لا يخالف مقتضاه كقوله تعالى ( واعلموا إنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ) إلى قوله ( إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا ) أي فإيمانكم ويقينكم مما أنزلنا يوجبان أن ترضوا بصرف الغنيمة للأصناف المعينة من عند الله .
A E ومنه كثير في القرآن إذا تتبعت مواقعه .
ويغلب أن يكون فعل الشرط في مثله فعل كون إيذانا بأن الشرط محقق الحصول .
وما وقع في هذه السورة من هذا القبيل فالمقصود استقرار النهي عن أتخاذ عدو الله أولياء وعقب بفرض شرطه موثوق بأن الذين نهوا متلبسون بمضمون فعل الشرط بلا ريب فكان ذكر الشرط مما يزيد تأكيد الانكفاف .
ولذلك يجاء بمثل هذا الشرط في آخر الكلام إذ هو يشبه التتميم والتذييل وهذا من دقائق الاستعمال في الكلام البليغ .
قال في الكشاف في قوله تعالى ( إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها ) في سورة الفرقان و " لولا " في مثل هذا الكلام جار من حيث المعنى لا من حيث الصنعة مجرى التقييد للحكم المطلق . وقال هنا ( إن كنتم خرجتم ) متعلق ب ( لا تتخذوا ) وقول النحويين في مثله على أنه شرط جوابه محذوف لدلالة ما قبله عليه . اه . يعني أن فرقا بين كلام النحويين وبين ما اختاره هو من جعله متعلقا ب ( لا تتخذوا ) فإنه جعل جواب الشرط غير منوي . قلت : فينبغي أن يعد كلامه من فروق استعمال الشروط مثل فروق الخبر وفروق الحال المبوب لكليهما في كتاب دلائل الإعجاز . وكلام النحاة جرى على غالب أحوال الشروط التي تتأخر عن جوابها نحو : اقبل شفاعة فلان إن شفع عندك وينبغي أن يتطلب لتقديم ما يدل على الجواب المحذوف إذا حذف نكتة في غير ما جرى على استعمال الشرط بمنزلة التذييل والتتميم .
وأداة الشرط في مثله تشبه ( إن ) الوصلية و ( لو ) الوصلية ولذلك قال في الكشاف هنا : إن جملة ( إن كنتم خرجتم ) متعلقة ب ( لا تتخذوا ) يعني تعلق الحال بعاملها أي والحال حال خروجكم في سبيل الله وابتغائكم مرضاته بناء على أن شرط ( إن ) . و ( لو ) الوصليتين يعتبر حالا . ولا يعكر عليه أن شرطهما يقترن بواو الحال لأن ابن جني والزمخشري سوغا خلو الحال في مثله عن الواو والاستعمال يشهد لهما .
والمعنى : لا يقع منكم اتخاذ عدوي وعدوكم أولياء ومودتهم مع أنهم كفروا بما جاءكم من الحق وأخرجوكم لأجل إيمانكم . إن كنتم خرجتم من بلادكم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فكيف توالون من أخرجوكم وكان إخراجهم إياكم لأجلي وأنا ربكم .
والمراد بالخروج في قوله تعالى ( أن كنتم خرجتم ) الخروج من مكة مهاجرة إلى المدينة . فالخطاب خاص بالمهاجرين على طريقة تخصيص العموم في قوله تعالى ( يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) روعي في هذا التخصيص قرينة سبب نزول الآية على حادث حاطب بن أبي بلتعة .
و ( جهادا ) و ( ابتغاء مرضاتي ) مصدران منصوبان على المفعول لأجله .
( تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ) يجوز أن تكون الجملة بيانا لجملة ( تلقون إليهم بالمودة ) أو بدل استمال منها فإن الإسرار إليهم بالمودة مما اشتمل عليه الإلقاء إليهم بالمودة . والخبر مستعمل في التوبيخ والتعجيب فالتوبيخ مستفاد من إيقاع الخبر عقب النهي المتقدم والتعجيب مستفاد من تعثيبه بجملة ( وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ) أي كيف تظنون أن إسراركم إليهم يخفى علينا ولا نطلع عليه رسولنا .
والإسرار : التحدث والإخبار سرا .
ومفعول ( تسرون ) يجوز أن يكون محذوفا يدل عليه السياق أي تخبرونهم أحوال المسلمين سرا .
وجيء بصيغة المضارع لتصوير حالة الإسرار إليه تفظيعا لها .
والباء في ( بالمودة ) للسببية أي تخبرونهم سرا بسبب المودة أي بسبب طلب المودة لهم كما هو في قضية كتاب حاطب .
ويجوز أن يكون ( بالمودة ) في محل المفعول لفعل ( تسرون ) والباء زائدة لتأكيد المفعولية كالباء في قوله تعالى ( وامسحوا برؤوسكم ) .
وجملة ( وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ) في موضع الحال من ضمير ( تسرون ) أو معترضة والواو اعتراضية .
وهذا مناط التعجيب من فعل المعرض به وهو حاطب بن أبي بلتعة . وتقديم الإخفاء لأنه المناسب لقوله ( وأنا أعلم ) . ولموافقته للقصة