وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( أولئك هم الفاسقون ) مستأنفة استئنافا بيانيا لبيان الإبهام الذي أفاده قوله ( فأنساهم أنفسهم ) كأن السامع سأل : ماذا كان إثر إنساء الله إياهم أنفسهم ؟ فأجيب بأنهم بلغوا بسبب ذلك منتهى الفسق في الأعمال السيئة حتى حق عليهم أن يقال : إنه لا فسق بعد فسقهم .
( لا يستوي اصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون [ 20 ] ) تذييل لجملة ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) الخ . لأنه جامع لخلاصة عاقبة الحالين : حال التقوى والاستعداد للآخرة وحال نسيان ذلك وإهماله ولكلا الفريقين عاقبة عمله . ويشمل الفريقين وأمثالهم .
والجملة أيضا فذلكة لما قبلها من حال المتقين والذين نسوا الله ونسوا أنفسهم لأن ذكر مثل هذا الكلام بعد ذكر أحوال المتحدث عنه يكون في الغالب للتعريض بذلك المتحدث عنه كقولك عندما ترى أحدا يؤذي الناس " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " فمعنى الآية كناية عن كون المؤمنين هم أصحاب الجنة وكون الذين نسوا الله هم أهل النار فتضمنت الآية وعدا للمتقين ووعيدا للفاسقين .
والمراد من نفي الاستواء في مثل هذا الكناية عن البون بين الشيئين .
وتعيين المفضل من الشيئين موكول إلى فهم السامع من قرينة المقام كما في قول السموأل : .
" فليس سواء عالم وجهول وقول أبي حزام غالب بن الحارث العكلي : .
وأعلم أن تسليما وتركا ... للا متشابهان ولا سواء ومنه قوله تعالى ( ليسوا سواء ) بعد قوله ( ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم ) الآية . وقيل قوله ( من أهل أمة قائمة ) . وقد يردف بما يدل على جهة التفضيل كما في قوله تعالى ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) . وقوله هنا ( أصحاب الجنة هم الفائزون ) وتقدم في قوله تعالى ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) الآية في سورة النساء .
وأما من ذهب من علماء الأصول إلى تعميم نحو ( لا يستوون ) من قوله تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) فاستدلوا به على أن الفاسق لا يلي ولاية النكاح وهو استدلال الشافعية فليس ذلك بمرضي وقد أباه الحنفية ووافقهم تاج الدين السبكي في غير جمع الجوامع .
والقصر المستفاد من ضمير الفصل في قوله تعالى ( أصحاب الجنة هم الفائزون ) فصر ادعائي لأن فوزهم أبدي فوز غيرهم ببعض أمور الدنيا كالعدم .
( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون [ 21 ] ) لما حذر المسلمين من الوقوع في مهواة نسيان الله التي وقع فيها الفاسقون وتوعد الذين نسوا الله بالنار وبين حالهم بأن الشيطان سول لهم الكفر . وكان القرآن دالا على مسالك الخير ومحذرا من مسالك الشر وما وقع الفاسقون في الهلكة إلا من جراء إهمالهم التدير فيه وذلك من نسيانهم الله تعالى انتقل الكلام إلى التنويه بالقرآن وهديه البين الذي لا يصرف الناس عنه إلا أهواءهم ومكابرتهم وكان إعراضهم عنه أصل استمرار ضلالهم وشركهم ضرب لهم هذا المثل تعجيبا من تصلبهم في الضلال .
وفي هذا الانتقال إيذان بانتهاء السورة لأنه انتقال بعد طول الكلام في غرض فتح قرى اليهود وما ينال المنافقين من جرائه من خسران في الدنيا والآخرة .
و ( هذا القرآن ) إشارة إلى المقدار الذي نزل منه وهو ما عرفوه وتلوه وسمعوا تلاوته .
A E وفائدة الإتيان باسم إشارة القريب التعريض لهم بأن القرآن غير بعيد عنهم . وأنه في متناولهم ولا كلفة عليهم في تدبره ولكنهم قصدوا الإعراض عنه .
وهذا مثل ساقه الله تعالى كما دل عليه قوله ( وتلك الأمثال ) الخ . وقد ضرب هذا مثلا لقسوة الذين نسوا الله وانتفاء تأثرهم بقوارع القرآن .
والمراد بالجبل : حقيقته لأن الكلام فرض وتقدير كما هو مقتضى ( لو ) أن تجيء في الشروط المفروضة .
فالجبل : مثال لأشد الأشياء صلابة وقلة تأثر بما يقرعه . وإنزل القرآن مستعار للخطاب به . عبر عنه بالإنزال على طريقة التبعية تشبيها لشرف الشيء بعلو المكان ولإبلاغه للغير بإنزال الشيء من علو