وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومن العلماء والمفسرين من جعل جملة للفقراء والمهاجرين ابتدائية على حذف المبتدأ . والتقدير ما أفاء الله على رسوله للمهاجرين الفقراء إلى آخر ما عطف عليه فتكون هذه مصارف أخرى للفيء ومنهم من جعلها بحذف حرف العطف على طريقة التعداد كأنه قيل : فلله وللرسول إلى آخره ثم قيل للفقراء المهاجرين . فعلى هذين القولين ينتفي كونها قيد للجملة التي قبلها وتنفتح طرائف أخرى في حمل المطلق على المقيد والاختلاف في شروطها الحمل وهي طرائف واضحة للمتأمل وعلى الوجه الأول يكون المعول .
ووصف المهاجرين بالذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم تنبيها على أن إعطاءهم مراعى جبر ما نكبوا به من ضياع الأموال والديار ومراعى فيه إخلاصهم الإيمان وأنهم مكررون نصر دين الله ورسوله A فذيل بقوله ( أولئك هم الصادقون ) . واسم الإشارة لتعظيم شأنهم وللتنبيه على أن استحقاقهم وصف الصادقين لأجل ما سبق اسم الإشارة من الصفات وهي أنهم أخرجوا من ديارهم وأموالهم وابتغاؤهم فضلا من الله ورضوانا ونصرهم الله ورسوله فإن الأعمال الخالصة فيما عملت لأجله يشهد للإخلاص فيها ما يلحق عاملها من مشاق وأذى وإضرار فيستطيع أن يخلص منها لو ترك ما عمله لأجلها أو قصر فيه .
وجملة ( هم الصادقون ) مفيدة القصر لأجل ضمير الفصل وهو قصر ادعائي للمبالغة في وصفهم بالصدق الكامل كأن صدق غيرهم ليس صدقا في جانب صدقهم .
وموقع قوله ( أولئك هم الصادقون ) كموقع قوله ( وأولئك هم المفلحون ) في سورة البقرة .
( والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون [ 9 ] ) الأظهر أن ( الذين ) عطف على ( المهاجرين ) أي والذين تبؤوا الدار هم الأنصار .
والدر تطلق على البلاد وأصلها موضع القبيلة من الأرض . وأطلقت على القرية قال تعالى في ذكر ثمود ( فأصبحوا في دارهم جاثمين ) أي في مدينتهم وهي حجر ثمود .
والتعريف هنا للعهد لأن امراد بالدار : يثرب والمعنى الذين هم أصحاب الدار . هذا توطئة لقوله ( يحبون من هاجر إليهم ) .
والتبوء : اتخاذ المباءة وهي البقعة التي يبوء إليها صاحبها أي يرجع إليها بعد انتشاره في أعماله . وفي موقع قوله ( والإيمان ) غموض إذ لا يصح أن يكون مفعول لفعل تبؤوا فتأوله المفسرون على وجهين : أحدهما أن يجعل الكلام استعارة مكنية بتشبيه الإيمان بالمنزل وجعل إثبات التبؤ تخييلا فيكون فعل تبوأوا مستعملا في حقيقته ومجازه .
A E وجمهور المفسرين جعلوا المعطوف عاملا مقدرا يدل عليه الكلام وتقديره : واخلصوا الإيمان على نحو قول الراجز الذي لا يعرف : .
" علفتها تبنا وماء باردا وقول عبد الله بن الزبعرى : .
يا ليت زوجك قد غدا ... متقلدا سيفا ورمحا أي وممسكا رمحا وهو الذي درج عليه الكشاف . وقيل الواو للمعية .
و ( الإيمان ) مفعول معه .
وعندي أن هذا أحسن الوجوه وإن قل قائلوه . والجمهور يجعلون النصب على المفعول معه سماعيا فهو عندهم قليل الاستعمال فتجنبوا تخرج آيات القران عليه حتى ادعى ابن هشام في مغني اللبيب أنه غير واقع في القرآن بيقين . وتأويل قوله تعالى ( فأجعلوا أمركم وشركاءكم ) ذلك لأن البصرين يشترطون أن يكون العامل في المفعول معه هو العامل في الاسم الذي صاحبه ولا يرون واو المعية ناصبة المفعول معه خلافا للكوفيين والأخفش فإن الواو عندهم بمعنى " مع " . وقال عبد القاهر : منصوب بالواو .
والحق عدم التزام أن يكون المفعول معه معمولا للفعل ألا ترى صحة قول القائل : استوى الماء والخشبة . وقولهم : سرت والنيل وهو يفيد الثناء عليهم بأن دار الهجرة دارهم آووا إليها المهاجرين لأنها دار مؤمنين لا يماثلها يومئذ غيرها .
وبذلك يتضح أن متعلق ( من قبلهم ) فعل ( تبوءوا ) بمفرده وأن المجرور المتعلق به قيد فيه دون ما ذكر بعد الواو لأن الواو ليست واو عطف فلذلك لا تكون قائمة مقام الفعل السابق لأن واو في معنى ظرف فلا يعلق بها مجرور