وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمعنى : أن ما قطعوا من النخل أريد به مصلحة إلجاء العدو إلى الاستسلام وإلقاء الرعب في قلوبهم وإذلالهم بأن يروا أكرم أموالهم عرضة للإتلاف بأيدي المسلمين وأن ما أبقي لم يقطع في بقائه مصلحة لأنه آيل إلى المسلمين فيما أفاء الله عليهم فكان في كلا القطع والإبقاء مصلحة فتعارض المصلحتان فكان حكم الله تخيير المسلمين . والتصرف في وجوه المصالح يكون تابعا لاختلاف الأحوال فجعل الله القطع والإبقاء كليهما بإذنه أي مرضيا عنده فأطلق الإذن على الرضى على سبيل الكناية أو أطلق إذن الله على إذن رسوله A إن ثبت أن النبي A أذن بذلك ابتداء ثم أمر بالكف عنه .
وكلام الأئمة غير واضح في إذن النبي A فيه ابتداء وأظهر أقوالهم قول مجاهد : إن القطع والامتناع منه كان اختلافا بين المسلمين وأن الآية نزلت بتصديق من نهي عن قطعه وتحليل من قطعه من الإثم . وفي ذلك قال حسان ابن ثابت يتورك على المشركين بمكة إذ غلب المسلمون بني النضير أحلافهم ويتورك على بني النضير إذ لم ينصرهم أحلافهم المشركون من قريش : .
تفاقد معشر نصروا قريشا ... وليس لهم ببلدتهم نصير .
وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير يريد سراة أهل مكة وكلهم من بني لؤي بن غالب بن فهر وفهر هو قريش أي لم ينقذوا أحلافهم لهوانهم عليهم .
وأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يومئذ مشرك : .
أدام الله ذلك من صنيع ... وحرق في نواحيها السعير .
ستعلم أينا منها بنزه ... وتعلم أي أرضينا تضير يريد أن التحريق وقع بنواحي مدينتكم فلا يضير إلا أرضكم ولا يضير أرضنا فقوله : أدام الله ذلك من صنيع تهكم .
ومن هذه الآية أخذ المحققون من الفقهاء أن تحريق دار العدو وتخريبها وقطع ثمارها جائز إذا دعت إليه المصلحة المتعينة وهو قول مالك . وإتلاف بعض المال لإنقاذ باقيه مصلحة وقوله ( من لينة ) بيان لما في قوله ( ما قطعتم ) .
واللينة : النخلة ذات الثمر الطيب تطلق اسم اللينة على كل نخلة غير العجوة والبرمني في قول الجمهور أهل المدينة وأئمة اللغة . وتمر اللينة يسمى اللون .
وإيثار ( لينة ) على نخلة لأنه أخف ولذلك لم يرد لفظ نخلة مفردا في القرآن وإنما ورد النخل اسم جمع .
قال أهل اللغة ياء لينة أصلها واو انقلبت ياء لوقوعها إثر كسرة ولم يذكروا سبب كسر أوله ويقال : لونة وهو ظاهر .
A E وفي كتب السيرة يذكر أن بعض نخل بني النضير أحرقه المسلمون وقد تضمن ذلك شعر حسان ولم يذكر القرآن الحرق فلعل خبر الحرق مما أرجف به فتناقله بعض الرواة وجرى عليه شعر حسان وشعر أبي سفيان بن الحارث أو أن النخلات التي قطعت أحرقها الجيش للطبخ أو للدفء .
وجيء بالحال في قوله ( قائمة على أصولها ) لتصوير هيئتها وحسنها . وفيه إيماء إلى أن ترك القطع أولى . وضمير ( أصولها ) عائد إلى ( ما ) الموصولة في قوله تعالى ( ما قطعتم ) لأن مدلول ( ما ) هنا جمع وليس عائد إلى ( لينة ) لأن اللينة ليس لها عدة أصول بل لكل لينة أصل واحد .
وتعلق ( على أصولها ) ب ( قائمة ) . والمقصود : زيادة تصوير حسنها . والأصول : القواعد . والمراد هنا : سوق النخل قال تعالى : ( أصلها ثابت وفرعها في السماء ) . ووصفها بأنها ( قائمة على أصولها ) هو بتقدير : قائمة فروعها على أصولها لظهور أن أصل النخلة بعضها .
والفاء من قوله ( فبإذن الله ) مزيدة في خبر المبتدأ لأنه اسم موصول واسم الموصول يعامل معاملة الشرط كثيرا إذا ضمن معنى التسبب وقد قرئ بالفاء وبدونها قوله تعالى ( وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم ) في سورة الشورى .
وعطف ( وليخزي الفاسقين ) من عطف العلة على السبب وهو ( فبإذن الله ) لأن السبب في معنى العلة ونظيره قوله تعالى ( وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ) الآية في آل عمران .
والمعنى : فقطع ما قطعتم من النخل وترك ما تركتم لأن الله أذن للمسلمين به لصلاح لهم فيه وليخزي الفاسقين أي ليهين بني النضير فيروا كرائم أموالهم بعضها مخضود وبعضها بأيدي أعدائهم . فذلك عزة للمؤمنين وخزي للكافرين والمراد ب ( الفاسقين ) هنا : يهود النضير