وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والجمهور على أن الأمر في قوله ( فقدموا ) للوجوب واختاره الفخر ورجحه بأنه الأصل في صيغة الأمر وبقوله ( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) فإن ذلك لا يقال إلا فيما بفقده يزول الوجوب . ويناسب أن يكون هذا هو قول من قال : إن هذه الصدقة نسخت بفرض الزكاة وهو عن ابن عباس . وقال فريق : الأمر للندب وهو يناسب قول من قال : إن فرض الزكاة كان سابقا على نزول هذه الآية فإن شرع الزكاة أبطل كل حق كان واجبا في المال .
و ( بين يدي نجواكم ) معناه : قبل نجواكم بقليل وهي استعارة تمثيلية جرت مجرى المثل للقرب من الشيء قبيل الوصول إليه . شبهت هيئة قرب الشيء من آخر بهيئة وصول الشخص بين يدي من يرد هو عليه تشبيه معقول بمحسوس .
ويستعمل في قرب الزمان بتشبيه الزمان بالمكان كما هنا وهو كقوله تعالى ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) . وقد تقدم في سورة البقرة .
والإشارة ب ( ذلك خير لكم ) إلى التقديم المفهوم من ( قدموا ) على ط طريقة قوله ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) .
وقوله ( ذلك خير لكم وأطهر ) تعريف بحكمة الأمر بالصدقة قبل نجوى الرسول A ليرغب فيها الراغبون .
و ( خير ) يجوز أن يكون اسم تفضيل أصله : أخير وهو المزاوج لقوله ( وأطهر ) أي ذلك أشد خيرية لكم من أن تناجوا الرسول A بدون تقديم صدقة وإن كان في كل خير . كقوله : ( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ) .
ويجوز أن يكون اسما على وزن فعل وهو مقابل الشر أي تقديم الصدقة قبل النجوى فيه خير لكم وهو تحصيل رضى الله تعالى في حين إقبالهم على رسوله A فيحصل من الانتفاع بالمناجاة ما لا يحصل مثله بدون تقديم الصدقة .
وأما ( أطهر ) فهو اسم تفضيل لا محالة أي أطهر لكم بمعنى : أشد طهرا والطهر هنا معنوي وهو طهر النفس وزكاؤها لأن المتصدق تتوجه إليه أنوار ربانية من رضى الله عنه فتكون نفسه زكية كما قال تعالى ( تطهركم وتزكيكم بها ) . ومنه سميت الصدقة زكاة .
وصفة هذه الصدقة أنها كانت تعطى للفقير حين يعمد المسلم إلى الذهاب إلى النبي A ليناجيه .
وعذر الله العاجزين عن تقديم الصدقة بقوله ( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) أي فإن لم تجدوا ما تتصدقون به قبل النجوى غفر الله لكم المغفرة التي كانت تحصل لكم لو تصدقتم لأن من نوى أن يفعل الخير لو قدر عليه كان له أجر على نيته .
A E وأما استفادة أن غير الواجد لا حرج عليه في النجوى بدون صدقة فحاصلة بدلالة الفحوى لأنه لا يترك مناجاة الرسول A فإن إرادة مناجاته الرسول A ليست عبثا بل لتحصيل علم من أمور الدين .
وأما قوله ( رحيم ) فهو في مقابلة ما فات غير الواجد ما يتصدق به من تزكية النفس إشعارا بأن رحمة الله تنفعه .
واتفق العلماء على أن حكم هذه الآية منسوخ .
( أأشفقتم أن تقدموا بين نجواكم صدقات فإذا لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون [ 13 ] ) نزلت هذه الآية عقب التي قبلها : والمشهور عند جمع من سلف المفسرين أنها نزلت بعد عشرة أيام من التي قبلها . وذلك أن بعض المسلمين القادرين على تقديم الصدقة قبل النجوى شق عليهم ذلك فأمسكوا عن مناجاة النبي A فأسقط الله وجوب هذه الصدقة وقد قيل لم يعمل بهذه الآية غير علي بن أبي طالب Bه . ولعل غيره لم يحتج إلى مناجاة الرسول A واقتصد مما كان يناجيه لأدنى موجب .
فالخطاب لطائفة من المؤمنين قادرين على تقديم الصدقة قبل المناجاة وشق عليهم ذلك أو ثقل عليهم .
والإشفاق توقع حصول ما لا يبتغيه ومفعول ( آشفقتم ) هو ( أن تقدموا ) أي من أن تقدموا أي أأشفقتم عاقبة ذلك وهو الفقر .
قال المفسرون على أن هذه الآية ناسخة للتي قبلها فسقط وجوب تقديم الصدقة لمن يريد مناجاة الرسول A وروي ذلك عن ابن عباس واستبعده ابن عطية .
والاستفهام مستعمل في اللوم على تجهم تلك الصدقة مع ما فيها من فوائد لنفع الفقراء