وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرأ ابن نافع وابن عامر وعاصم وأبو جعفر ( انشزوا فانشزوا ) بضم الشين فيهما . وقرأه الباقون بكسر الشين . وهما لغتان في مضارع نشز .
وقوله ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) جواب الأمر لقوله ( فانشزوا ) فقد أجمع القراء على جزم فعل ( يرفع ) فهو جواب الأمر بهذا . وعد بالجزاء على الامتثال للأمر الشرعي فيما فيه أمر أو لما يقتضي الأمر من علة يقاس بها على المأمور به أمثاله مما فيه علة الحكم كما تقدم في قوله تعالى ( فافسحوا ) .
ولما كان النشوز ارتفاعا عن المكان الذي كان به كان جزاؤه من جنسه .
وتنكير ( درجات ) للإشارة إلى أنواعها من درجات الدنيا ودرجات الآخرة .
وضمير ( منكم ) خطاب للذين نودوا ب ( يا أيها الذين آمنوا ) .
و ( من ) تبعيضية أي يرفع الله درجات الذين امتثلوا . وقرينة هذا التقدير هي جعل الفعل جزاء للأمر فإن الجزاء مسبب عما رتب عليه بقوله ( منكم ) صفة للذين آمنوا ) . أي الذين آمنوا من المؤمنين والتغاير بين معنى الوصف ومعنى الموصوف بتغاير المقدر وإن كان لفظ الوصف والموصوف مترادفين في الظاهر . فآل الكلام إلى تقدير : يرفع الله الذين استجابوا للأمر بالنشوز إذا كانوا من المؤمنين أي دون من يضمه المجلس من المنافقين . فكان مقتضى الظاهر أن يقال : يرفع الله الناشزين منكم فاستحضروا بالموصول بصلة الإيمان لما تؤذن به الصلة من الإيماء إلى علة رفع الدرجات لأجل امتثالهم أمر القائل ( انشزوا ) وهو الرسول A إن كان لإيمانهم وأن ذلك الامتثال من إيمانهم ليس لنفاق أو لصاحبه امتعاض .
وعطف الذين أوتوا العلم منهم عطف الخاص على العام لأن غشيان مجلس الرسول A إنما هو لطلب العلم من مواعظه وتعليمه أي والذين أوتوا العلم منكم أيها المؤمنون لأن الذين أوتوا العلم قد يكون الأمر لأحد بالقيام من المجلس لأجلهم أي لأجل إجلاسهم أي لأجل إجلاسهم وذلك رفع لدرجاتهم في الدنيا ولأنهم إذا تمكنوا من مجلس الرسول A كان تمكنهم أجمع للفهم وأنفى للملل وذلك أدعى لإطالتهم الجلوس وازديادهم التلقي وتوفير مستنبطات أفهامهم فيما يلقى إليهم من العلم فإقامة الجالسين في المجلس لأجل إجلاس الذين أوتوا العلم من رفع درجاتهم في الدنيا .
ولعل البدريين الذين نزلت الآية بسبب قصتهم كانوا من الصحابة الذين أوتوا العلم .
ويجوز أن بعضا من الذين أمروا بالقيام كان من أهل العلم فأقيم لأجل رجحان فضيلة البدريين عليه فيكون في الوعد للذي أقيم من مكانه برفع الدرجات استئناس له بأن الله رافع درجته .
A E هذا تأويل نظم الآية الذي اقتضاه قوة إيجازه . وقد ذهب المفسرون في الإفصاح عن استفادة المعنى من هذا النظم البديع مذاهب كثيرة وما سلكناه أوضح منها .
وانتصب ( درجات ) على أنه ظرف مكان يتعلق ب ( يرفع ) أي يرفع الله الذين آمنوا رفعا كائنا في درجات .
ويجوز أن يكون نائبا عن المفعول المطلق ل ( يرفع ) لأنها درجات من الرفع أي مرافع .
والدرجات مستعارة للكرامة فإن لكان الرفع في الآية رفعا مجازيا وهو التفضيل والكرامة وجيء للاستراحة بترشيحها بكون الرفع درجات . وهذا الترشيح هو أيضا استعارة مثل الترشيح في قوله تعالى ( ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ) وهذا أحسن الترشيح . وقد تقدم نظيره في قوله تعالى في سورة الأنعام ( نرفع درجات من نشاء ) .
وقال عبد الله بن مسعود وجماعة من أهل التفسير : إن قوله ( والذين أوتوا العلم درجات ) كلام مستأنف وتم الكلام عند قوله ( منكم ) قال ابن عطية : ونصب بفعل مضمر ولعله يعني : نصب ( درجات ) بفعل هو الخبر عن المبتدأ والتقدير : جعلهم .
وجملة ( والله بما تعملون خبير ) تذييل أي الله عليم بأعمالكم ومختلف نياتكم من الامتثال كقول النبي A " لا يكلم أحد في سبيل الله . والله أعلم بمن يكلم في سبيله " الحديث .
( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم [ 12 ] )