وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالآية لا تدل إلا على الأمر بالتفسح إذ أمر به النبي A ولكن يستفاد منها أن تفسح المؤمنين بعضهم لبعض في المجالس محمود مأمور به وجوبا أو ندبا لأنه من المكارمة والإرفاق . فهو من مكملات واجب التحاب بين المسلمين وإن كان فيه كلفة على صاحب البقعة يضايقه فيها غيره . فهي كلفة غير معتبرة إذا قوبلت بمصلحة التحاب وفوائده وذلك ما لم يفض إلى شدة مضايقة أو ومضرة أو إلى تفويت مصلحة من سماع أو نحوه مثل مجالس العلم والحديث وصفوف الصلاة . وذلك قياس على مجلس النبي A في أنه مجلس خير . وروي عن النبي A " أحبكم إلي ألينكم مناكب في الصلاة " . قال مالك " ما أرى الحكم إلا يطرد في مجالس العلم ونحوها غابر الدهر " . يريد أن هذا الحكم وإن نزل في مجلس النبي A فهو شامل لمجالس المسلمين من مجالس الخير لأن هذا أدب ومؤاساة فليس فيه قرينة الخصوصية بالمجالس النبوية وأراد مالك ب ( نحوها ) كل مجلس فيه أمر مهم في شؤون الدين فمن حق المسلمين أن يحصروا على إعانة بعضهم بعضا على حضوره . وهذا قياس على مجلس النبي A وعلته هي التعاون على المصالح .
وأفهم لفظ التفسح أنه تجنب للمضايقة والمراصة بحيث يفوت المقصود من حضور ذلك المجلس أو يحصل ألم للجالسين .
وقد أرخص مالك في التخلف عن دعوة الوليمة إذ كثر الزحام فيها .
وقرأ الجمهور ( في المجلس ) وقرأه عاصم بصيغة الجمع ( في المجالس ) وعلى كلتا القراءتين يجوز كون اللام للعهد وكونها للجنس وأن يكون مجالس النبي A كلما تكررت وأما يشمل جميع مجالس المسلمين وعلى كلتا القراءتين يصح الأمر في قوله تعالى ( فافسحوا ) للوجوب أو للندب .
وقوله ( وإذا قيل انشزوا فانشزوا ) الآية عطف على ( إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس ) .
و ( انشزوا ) أمر من نشز إذا نهض من مكانه يقال : نشز ينشز من باب قعد وضرب إذا ارتفع لأن النهوض ارتفاع من المكان الذي استقر فيه ونشوز المرأة من زوجها مجازا عن بعدها عن مضجعها . والنشوز : أخص من التفسيح من وجه فهو من عطف الأخص : من وجه أعم منه على الأعم منه للاهتمام بالمعطوف لأن القيام من المجلس أقوى من التفسيح من قعود . فذكر النشوز لئلا يتوهم وأن التفسيح المأمور به تفسيح من قعود ولاسيما وقد كان سبب النزول بنشوز وهو المقصود من نزول الآية على ذلك القول . ومن المفسرين من فسر النشوز بمطلق القيام من مجلس الرسول A سواء كان لأجل التفسيح أو لغير ذلك مما يؤمر بالقيام لأجله . روي عن ابن عباس وقتادة والحسن " إذا قيل انشزوا إلى الخير وإلى الصلاة فانشزوا " .
A E وقال ابن زيد : إذا قيل انشزوا عن بيت رسول الله A فارتفعوا فإن للنبي A حوائج وكانوا إذا كانوا في بيته أحب كل واحد منهم أن يكون آخر عهده برسول الله A وسبب النزول لا يخصص العام ولا يقيد المطلق .
وهذا الحكم إذا عسر التفسيح واشتد الزحام والتراص فإن لأصحاب المقاعد الحق المستقر في أن يستمروا قاعدين لا يقام أحد لغيره وذلك إذا كان المقوم لأجله أولى بالمكان من الذي أقيم له بسبب من أسباب الأولية كما فعل النبي A في إقامة نفر لإعطاء مقاعدهم للبدريين . ومنه أولوية طلبة العلم بمجالس الدرس وأولوية الناس في مقاعد المساجد بالسبق ونحو ذلك فإن لم يكن أحد أولى من غيره فقد نهى النبي A عن أن يقيم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه .
وللرجل أن يرسل إلى المسجد ببساطه أو طنفسته أو سجادته لتبسط له في مكان من المسجد حتى يأتي فيجلس عليها فإن ذلك حوز لذلك المكان في ذلك الوقت . وكان ابن سيرين يرسل غلامه إلى المسجد يوم الجمعة فيجلس له فيه فإذا جاء ابن سيرين قام الغلام له منه .
وفي الموطأ عن مالك بن أبي عامر قال كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب يوم الجمعة تطرح إلى جدار المسجد الغربي فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب فصلى الجمعة . فالطنفسة ونحوها حوز المكان لصاحب البساط .
فيجوز لأحد أن يأمر أحدا يبكر إلى المسجد فيأخذ مكانا يقعد فيه حتى إذا جاء الذي أرسل ترك له البقعة لأن ذلك من قبيل النيابة في حوز الحق