وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

إن كانت هذه الآية والآيتان اللتان بعدها نزلت مع الآية التي قبلها حسبما يقتضيه ظاهر ترتيب التلاوة كان قوله تعالى ( نهوا عن النجوى ) مؤذنا بأنه سبق نهي عن النجوى قبل نزول هذه الآيات وهو ظاهر قول مجاهد وقتادة نزلت في قوم من اليهود والمنافقين نهاهم رسول الله A عن التناجي بحضرة المؤمنين فلم ينتهوا فنزلت فتكون الآيات الأربع نزلت لتوبيخهم وهو ما اعتمدناه آنفا .
وإذا كانت نزلت بعد الآية التي قبلها بفترة كان المراد النهي الذي أشار إليه قوله تعالى ( ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ) كما تقدم بأن لم ينتهوا عن النجوى بعد أن سمعوا الوعيد عليها بقوله تعالى ( ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ) فالمراد ب ( الذين نهوا عن النجوى ) هم الذين عنوا بقوله ( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ) الآية .
و ( ثم ) في قوله ( ثم يعودون ) للتراخي الرتبي لأن عودتهم إلى النجوى بعد أن نهوا عنه أعظم من ابتداء النجوى لأن ابتداءها كان إثما لما اشتملت عليه نجواهم من نوايا سيئة نحو النبي A والمسلمين فأما عودتهم إلى النجوى بعد أن نهوا عنها فقد زادوا به تمردا على النبي A ومشاقة للمسلمين .
فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا اقتضاه استمرار المنافقين على نجواهم .
والاستفهام في قوله ( ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ) تعجيبي مراد به توبيخهم حين يسمعونه .
والرؤية بصرية بقرينة تعديتها بحرف ( إلى ) .
والتعريف في النجوى تعريف العهد لأن سياق الكلام من نوع خاص من النجوى . وهي النجوى التي تحزن الذين آمنوا كما ينبئ عنه قوله تعالى ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين منوا ) .
A E ويجوز أن يكون النهي عن جنس النجوى في أول الأمر يعم كل نجوى بمرأى من الناس سدا للذريعة قال الباجي في المنتقى : روي عن النهي عن تناجي اثنين أو أكثر دون واحد أنه كان في بدء الإسلام فلما فشا الإسلام وآمن الناس زال هذا الحكم لزوال سببه .
قال ابن العربي في أحكام القرآن عند قوله تعالى ( لا خير في كثير من نجواهم ) الآية في سورة النساء . إن الله تعالى أمر عباده بأمرين عظيمين : أحدعما الإخلاص وهو أن يستوي ظاهر المرء وباطنه والثاني النصيحةلكتاب الله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم فالنجوى خلاف هذين الأصلين وبعد هذا فلم يكن بد للخلق من أمر يختصون به في أنفسهم ويخص به بعضهم بعضا فرخص ذلك بصفة الأمر بالمعروف والصدقة وإصلاح ذات البين اه .
وفي الموطأ حديث أن رسول الله A قال " إذا كان ثلاثة فلا يتناجى إثنان دون واحد " . زاد في رواية مسلم " إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه " .
واختلف في محمل هذا النهي على التحريم أو على الكراهة وجمهور المالكية على أنه للتحريم قال ابن العربي في القبس فإن كان قوله مخافة أن يحزنه من قول النبي A فقد انحسم التأويل وإن كان من قول الراوي فهو أولى من تأويل غيره . وقال ابن قاسم : سمعت مالكا يقول : لا يتناجى أربعة دون واحد . وأما تناجي جماعة دون جماعة فإنه أيضا مكروه أو محرم اه . وحكى النووي الإجماع على جواز تناجي جماعة دون جماعة واحتج له ابن التين بحديث ابن مسعود قال قأتيته " يعني النبي A " وهو في ملأ فساررته . وحديث عائشة قصة فاطمة دال على الجواز .
وقال ابن عبد البر : لا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجين في حال تناجيهما .
وألحق بالتناجي أن يتكلم رجلان بلغة لا يعرفها ثالث معهما .
والقول في استعمال ( ثم يعودون لما نهوا عنه ) في معناه المجازي وتعديته باللام نظير القول في قوله تعالى ( ثم يعودون لما قالوا ) .
وكذلك القول في موقع ( ثم ) عاطفة الجملة .
وصيغة المضارع في ( يعودون ) دالة على التجدد أي يكررون العدد بحيث يريدون بذلك العصيان وقلة الاكتراث بالنهي فإنهم لو عادوا إلى النجوى مرة أو مرتين لاحتمل حالهم أنهم نسوا .
و ( ما نهوا عنه ) هو النجوى فعدل عن الإتيان بضمير النجوى فعدل عن الإتيان بضمير النجوى إلى الموصول وصلته لما تؤذن به الصلة من التعليل لما بعدها من الوعيد بقوله ( حسبهم جهنم ) على ما في الصلة من التسجيل على سفههم