وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأحسب أن الثقل هو الإنسان لأنه محمول على الأرض, فهو كالثقل على الدابة, وأن إطلاق هذا المثنى على الإنس والجن من باب التغليب, وقيل غير هذا مما لا يرتضيه المتأمل . وقد عد هذا اللفظ بهذا المعنى مما يستعمل إلا بصيغة التثنية فلا يطلق على نوع الإنسان بانفراده اسم الثقل ولذلك فهو مثنى اللفظ مفرد الإطلاق . وأظن أن هذا اللفظ لم يطلق على مجموع النوعين قبل القرآن فهو من أعلام الأجناس بالغلبة, ثم استعمله أهل الإسلام, قال ذو الرمة : .
ومية أحسن الثقلين وجها ... وسالفة وأحسنه قذالا أراد وأحسن الثقلين, وجعل الضمير له مفردا . وقد أخطأ في استعماله إذ لا علاقة للجن في شيء من غرضه .
وقرأ الجمهور ( سنفرغ ) بالنون . وقرأه حمزة والكسائي بالياء المفتوحة على أن الضمير عائد إلى الله تعالى على طريقة الالتفات .
وكتب ( أيه ) في المصحف بهاء ليس بعدها ألف وهو رسم مراعى فيه حال النطق بالكلمة في الوصل إذ لا يوقف على مثله, فقرأها الجمهور بفتحة على الهاء دون ألف في حالتي الوصل والوقف . وقرأها أبو عمرو والكسائي بألف بعد الهاء في الوقف . وقرأه ابن عامر بضم الهاء تبعا لضم الياء التي قبلها وهذا من الإتباع .
( فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 32 ] ) A E تكرير لنظائره وليس هو خطابا للثقلين ولا تذييلا للجملة التي قبله إذ ليس في الجملة التي قبله ذكر نعمة على الثقلين بل هي تهديد لهما .
( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان [ 33 ] ) هذا مقول قول محذوف يدل عليه سياق الكلام السابق واللاحق, وليس خطابا للإنس والجن في الحياة الدنيا . والتقدير : فنقول لكم كما في قوله تعالى ( ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ) الآية, أي فنقول : يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس, وقد تقدم في سورة الأنعام .
والمعشر : اسم للجمع الكثير الذي يعد عشرة عشرة دون آحاد .
وهذا إعلان لهم بأنهم في قبضة الله تعالى لا يجدون منجى منها, وهو ترويع للضالين والمضلين من الجن والإنس بما يترقبهم من الجزاء السيء لأن مثل هذا لا يقال لجمع مختلط إلا والمقصود أهل الجناية منهم فقوله ( يا معشر الجن والإنس ) عام مراد به الخصوص بقرينة قوله بعده ( يرسل عليكما شواظ ) الخ .
والنفوذ والنفاذ : جواز شيء عن شيء وخروجه منه . والشرط مستعمل في التعجيز, وكذلك الأمر الذي هو جواب هذا الشرط من قوله ( فانفذوا ) , أي وأنتم لا تستطيعون الهروب .
والمعنى : إن قدرتم على الانفلات من هذا الموقف فافلتوا . وهذا مؤذن بالتعريض بالتخويف مما سيظهر في ذلك الموقف من العقاب لأهل التضليل .
والأقطار : جمع قطر بضم القاف وسكون الطاء وهو الناحية الواسعة من المكان الأوسع, وتقدم في قوله تعالى ( ولو دخلت عليهم من أقطارها ) في سورة الأحزاب .
وذكر السماوات والأرض لتحقيق إحاطة الجهات كلها تحقيقا للتعجيز, أي فهذه السماوات والأرض أمامكم فإن استطعتم فاخرجوا من جهة منها فرارا من موقفكم هذا, وذلك أن تعدد الأمكنة يسهل الهروب من إحدى جهاتها .
والأرض المذكورة هنا أما أن تكون الأرض المذكورة في الدنيا وذلك حين البعث, وأما أن تكون أرض الحشر وهي التي سماها القرآن ( الساهرة ) في سورة النازعات, وقال تعالى ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ) , وإما أن يكون ذلك جاريا مجرى المثل المستعمل للمبالغة في إحاطة الجهات كقول أبي بكر الصديق : أي أرض تقلني, وأي سماء تظلني .
وهذه المعاني لا تتنافى, وهي من حد إعجاز القرآن .
وجملة ( لا تنفذون إلا بسلطان ) بيان للتعجيز الذي في الجملة قبله فإن السلطان : القدرة, أي لا تنفذون من هذا المأزق إلا بقدرة عظيمة تفوق قدرة الله الذي حشركم لهذا الموقف, وأنى لكم هاته القوة .
وهذا على طريق قوله ( وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون ) , أي ما صعدوا إلى السماء فيتنزلوا به .
( فبأي آلاء ربكما تكذبان [ 34 ] ) القول فيه كالقول في نظيره المذكور قبله .
( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران [ 35 ] )