وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفي هذا نداء على إبطال جحود المشركين رسالته حين امتنعوا من أن يكتب في صحيفة الصلح " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله . وقالوا : لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت " .
وقوله ( والذين معه ) يجوز أن يكون مبتدأ و ( أشداء ) خبرا عنه وما بعده إخبار والمقصود الثناء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومعنى ( معه ) : المصاحبة الكاملة بالطاعة والتأييد كقوله تعالى ( وقال الله إني معكم ) . والمراد : أصحابه كلهم لا خصوص أهل الحديبية .
A E وإن كانوا هم المقصود ابتداء فقد عرفوا بصدق ما عاهدوا عليه الله ولذلك لما انهزم المسلمون يوم حنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب ناد يا أصل المرة .
ويجوز أن يكون ( والذين معه ) عطفا على ( رسوله ) من قوله ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ) . والتقدير : وأرسل الذين معه أي أصحابه على أن المراد بالإرسال ما يشمل الإذن لهم بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى ( إذ أرسلنا إليهم اثنين ) الآية فإن المرسلين إلى أهل أنطاكية كانوا من الحواريين أمرهم عيسى بنشر الهدى والتوحيد . فيكون الإرسال البعث له في قوله تعالى ( بعثنا عليكم عبادا لنا ) وعلى هذا يكون ( أرسلنا ) في هذه الآية مستعملا في حقيقته ومجازه .
و ( أشداء ) : جمع شديد وهو الموصوف بالشدة المعنوية وهي صلابة المعاملة وقساوتها قال تعالى في وصف النار ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) .
والشدة على الكفار : هي الشدة في قتالهم وإظهار العداوة لهم وهذا وصف مدح لأن المؤمنين الذين مع النبي صلى الله عليه وسلم كانوا هم فئة الحق ونشر الإسلام فلا يليق بهم إلا إظهار الغضب لله والحب في الله والبغض في الله من الإيمان وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أقوى المؤمنين إيمانا من أجل إشراق أنوار النبوة على قلوبهم فلا جرم أن يكونوا أشد على الكفار فإن بين نفوس الفريقين تمام المضادة وما كانت كراهيتهم للصلح مع الكفار يوم الحديبية ورغبتهم في قتل أسراهم الذين ثقفوهم يوم الحديبية وعفا عنهم النبي صلى الله عليه وسلم إلا من آثار شدتهم على الكفار ولم تكن لاحت لهم المصلحة الراجحة على القتال وعلى القتل التي آثرها النبي صلى الله عليه وسلم .
ولذلك كان أكثرهم محاورة في إباء الصلح يومئذ أشد أشدائهم على الكفار وهو عمر بن الخطاب وكان أفهمهم للمصلحة التي توخاها النبي صلى الله عليه وسلم في إبرام الصلح أبا بكر . وقد قال سهل بن حنيف يوم صفين : أيها الناس اتهموا الرأي فلقد رأيتنا يوم أبي جندل ولو نستطيع أن نرد على رسول الله فعله لرددناه . والله ورسوله أعلم .
ثم تكون أحكام الشدة على الكفار من وجوب وندب وإباحة وأحكام صحبتهم ومعاملتهم جارية على مختلف الأحوال ولعلماء الإسلام فيها مقال وقد تقدم كثير من ذلك في سورة آل عمران وفي سورة براءة .
والشدة على الكفار اقتبسوها من شدة النبي صلى الله عليه وسلم في إقامة الدين قال تعالى ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) .
وأما كونهم رحماء بينهم فذلك من رسوخ أخوة الإيمان بينهم في نفوسهم .
وقد وردت أخبار أخوتهم وتراحمهم في مواضع كثيرة من القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم .
وفي الجمع لهم بين هاتين الخلتين المتضادتين الشدة والرحمة إيماء إلى أصالة آرائهم وحكمة عقولهم وأنهم يتصرفون في أخلاقهم وأعمالهم تصرف الحكمة والرشد فلا تغلب على نفوسهم محمدة دون أخرى ولا يندفعون إلى العمل بالجبلة وعدم الرؤية .
وفي معنى هذه الآية قوله تعالى ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) في سورة العقود .
وفي تعليق ( رحماء ) مع ظرف ( بين ) المفيد للمكان الداخل وسط ما يضاف هو إليه تنبيه على انبثاث التراحم فيهم جميعا قال النبي صلى الله عليه وسلم " تجد المسلمين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو اشتكى له جميع الجسد بالسهر والحمى " .
والخطاب في ( تراهم ) لغير معين بل لكل من تتأتى رؤيته إياهم أي يراهم الرائي