وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمرد بالسكينة : الثبات والأناة أي جعل في قلوبهم التأني وصرف عنهم العجلة فعصمهم من مقابلة الحمية بالغضب والانتقام فقابلوا الحمية بالتعقل والتثبت فكان في ذلك خير كثير .
وفي هذه الآية من النكت المعنوية مقابلة ( جعل ) ب ( أنزل ) في قوله ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ) وقوله ( فأنزل الله سكينته ) فدل على شرف السكينة على الحمية لأن الإنزال تخييل للرفعة وإضافة الحمية إلى الجاهلية وإضافة السكينة إلى اسم ذاته .
وعطف على إنزال الله سكينته ( ألزمهم كلمة التقوى ) أي جعل كلمة التقوى لازمة لهم لا يفارقونها أي قرن بينهم وبين كلمة التقوى ليكون ذلك مقابل قوله ( وصدوكم عن المسجد الحرام ) فإنه لما ربط صدهم المسلمين عن المسجد الحرام بالظرف في قوله ( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ) ربطا يفيد التعليل كما قدمناه آنفا ربط ملازمة المسلمين كلمة التقوى بإنزال السكينة في قلوبهم ليكون إنزال السكينة في قلوبهم وهو ظامر باطني مؤثرا فيهم عملا ظاهريا وهو ملازمتهم كلمة التقوى كما كانت حمية الجاهلية هي التي دفعت الذين كفروا إلى صد المسلمين عن المسجد الحرام .
وضمير النصب في ( وألزمهم ) عائد إلى ( المؤمنين ) لأنهم هم الذين عوض الله غضبهم بالسكينة ولم يكن رسول الله مفارقا السكينة من قبل .
و ( كلمة التقوى ) إن حملت على ظاهر معنى ( كلمة ) كانت من قبيل الألفاظ وإطلاق الكلمة على الكلام شائع قال تعالى ( إنها كلمة هو قائلها ) ففسرت الكلمة هنا بأنها قول : لا إله إلا الله . وروي هذا عن أبي كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وقال : هو حديث غريب . قلت : في سنده : ثوير ويقال : ثور بن أبي فاختة قال فيه الدارقطني : هو متروك وقال أبو حاتم : هو ضعيف . وروى ابن مردوية عن أبي هريرة وسلمة بن الأكوع مثله مرفوعا وكلها ضعيفة الأسانيد . وروي تفسيرها بذلك عند عدد كثير من الصحابة . ومعنى إلزامه إياهم كلمة التقوى : أنه قدر لهم الثبات عليها قولا بلفظها وعملا بمدلولها إذ فائدة الكلام حصول معناه فإطلاق ( الكلمة ) هنا كإطلاقة في قوله تعالى ( وجعلها كلمة باقية في عقبه ) يعني بها قول إبراهيم لأبيه وقومه ( إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين ) .
وإضافة ( كلمة ) إلى ( التقوى ) على هذا التفسير إضافة حقيقية . ومعنى إضافتها : أن كلمة الشهادة أصل التقوى فان أساس التقوى اجتناب عبادة الأصنام ثم تتفرع على ذلك شعب التقوى كلها .
ورويت أقوال أخرى في تفسير ( كلمة التقوى ) بمعنى كلام آخر من الكلم الطيب وهي تفاسير لا تلائم سياق الكلام ولا نظمه . ويجوز أن تحتمل ( كلمة ) على غير ظاهر معناها فتكون مقحمة وتكون إضافتها إلى التقوى إضافة بيانية أي كلمة هي التقوى ويكون المعنى : وألزمهم التقوى على حد إقحام لفظ اسم في قول لبيد : .
" إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومنه قوله تعالى ( تبارك اسم ربك ) على أحد التفسيرين فيه . ويدخل في التقوى ابتداء توحيد الله تعالى .
ويجوز أن يكون لفظ ( كلمة ) مطلقا على حقيقة الشيء . وجماع معناه كإطلاق الاسم في قول النابغة : .
نبئت زرعة والسفاهة كاسمها ... يهدي إلى غرائب الأشعار ويؤيد هذا الوجه ما نقل عن مجاهد أنه قال : كلمة التقوى : الإخلاص . فجعل ( الكلمة ) معنى من التقوى . فالمعنى على هذين الوجهين الأخيرين : أنهم تخلقوا بالتقوى لا يفارقونها فاستعير الإلزام لدوام المقارنة . وهذان الوجهان لا يعارضان تفسير كلمة ( التقوى ) بكلمة ( الشهادة ) المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يكون ذلك تفسيرا بجزئي من التقوى هو أهم جزئياتها أي تفسير مثال .
وعن الحسن : أن كلمة ( التقوى ) الوفاء بالعهد فيكون الإلزام على هذا بمعنى الإيجاب أي أمرهم بأن يفوا بما عاهدوا عليه للمشركين ولا ينقضوا عهدهم فلذلك لم ينقض المسلمون العهد حتى كان المشركون هم الذين ابتدأوا بنقضه .
والواو في ( وكانوا أحق بها ) واو الحال والجملة حال من الضمير المنصوب أي ألزمهم تلك الكلمة في حال كانوا فيه أحق بها وأهلها ممن لم يلزموها وهم الذين لم يقبلوا التوحيد على نحو قوله تعالى ( وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله )