وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وضمير ( به ) عائد إلى الله أي وآمنوا بالله وهو المناسب لتناسق الضمائر مع ( يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ) أو عائد إلى داعي الله أي آمنوا بما فيه أو آمنوا بما جاء به وعلى الاحتمالين الأخيرين يقتضي أن هؤلاء الجن مأمورون بالإسلام .
و ( من ) في قوله ( من ذنوبكم ) الأظهر أنها للتعليل فتتعلق بفعل ( أجيبوا ) باعتبار أنه مجاب بفعل ( يغفر ) ويجوز أن تكون تبعيضية أي يغفر لكم بعض ذنوبكم فيكون ذلك احترازا في الوعد لأنهم لم يتحققوا تفصيل ما يغفر من الذنوب وما لا يغفر إذ كانوا قد سمعوا بعض القرآن ولم يحيطوا بما فيه .
ويجوز أن تكون زائدة للتوكيد على رأي جماعة ممن يرون زيادة ( من ) في الإثبات كما تزاد في النفي .
وأما ( من ) التي في قوله ( ويجركم من عذاب أليم ) فهي لتعدية فعل ( يجركم ) لأنه يقال : أجاره من ظلم فلان بمعنى منعه وأبعده .
وحكاية الله هذا عن الجن تقرير لما قالوه فيدل على أن للجن إدراكا للمعاني وعلى أن ما تدل عليه أدلة العقل من الإلهيات واجب على الجن اعتقاده لأن مناط التكليف بالإلهيات العقلية هو الإدراك وأنه يجب اعتقاد المدركات إذا توجهت مداركهم إليها أو إذا نبهوا إليها كما دلت عليه قصة إبليس . وهؤلاء قد نبهوا إليها بصرفهم إلى استماع القرآن وهم قد نبهوا قومهم إليها بإبلاغ ما سمعوه من القرآن وعلى حسب هذا المعنى يترتب الجزاء بالعقاب كما قال تعالى ( لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) وقال في خطاب الشيطان ( لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ) فأما فروع الشريعة فغير لائقة بجنس الجن . وظاهر الآية أن هؤلاء الذين بلغتهم دعوة القرآن مؤاخذون إذا لم يعملوا بها وأنهم يعذبون .
واختلفوا في جزاء الجن على الإحسان فقال أبو حنيفة : ليس للجن ثواب إلا أن يجاروا من عذاب النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم وقال مالك والشافعي وابن أبي ليلى والضحاك : كما يجازون على الإساءة يجازون على الإحسان فيدخلون الجنة . وحكى الفخر أن مناظرة جرت في هذه المسألة بين أبي حنيفة ومالك ولم أره لغيره .
وهذه مسألة لا جدوى لها ولا يجب على المسلم اعتقاد شيء منها سوى أن العالم إذا مرت بها الآيات يتعين عليه فهمها .
ومعنى ( فليس بمعجز في الأرض ) أنه لا ينجو من عقاب الله على عدم إجابته داعيه فمفعول ( معجز ) مقدر دل عليه المضاف إليه في قوله ( داعي الله ) أي فليس بمعجز الله وقال في سورة الجن ( أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا ) وهو نفي لأن يكون يعجز طالبه أي ناجيا من قدرة الله عليه . والكلام كناية عن المؤاخذة بالعقاب .
والمقصود من قوله ( في الأرض ) تعميم الجهات فجرى على أسلوب استعمال الكلام العربي وإلا فإن مكان الجن غير معين .
A E ( وليس له من دونه أولياء ) أي لا نصير ينصره على الله ويحميه منه فهو نفي أن يكون له سبيل إلى النجاة بالاستعصام بمكان لا تبلغ إليه قدرة الله ولا بالاحتماء بمن يستطيع حمايته من عقاب الله . وذكر هذا تعريض للمشركين .
واسم الإشارة في ( أولئك في ضلال مبين ) للتنبيه على أن من هذه حالهم جديرون بما يرد بعد اسم الإشارة من الحكم لتسبب ما قبل اسم الإشارة فيه كما في قوله ( أولئك على هدى من ربهم ) .
والظرفية المستفادة من ( في ضلال مبين ) مجازية لإفادة قوة تلبسهم بالضلال حتى كأنهم في وعاء هو الضلال .
والمبين : الواضح لأنه ضلال قامت الحجج والأدلة على أنه باطل .
( أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير [ 33 ] ) عود إلى الاستدلال على إمكان البعث فهو متصل بقوله ( والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي ) إلى قوله ( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ) فهو انتقال من الموعظة بمصير أمثالهم من الأمم إلى الاستدلال على إبطال ضلالهم في شركهم وهو الضلال الذي جرأهم على إحالة البعث بعد أن أطيل في إبطال تعدد الآلهة وفي إبطال تكذيبهم بالقرآن وتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم