وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمعنى : ائتنا بالعذاب الذي تعدنا به أي عذاب اليوم العظيم وإنما صرفوا مراد هود بالعذاب إلى خصوص عذاب الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالبعث وبهذا يؤذن قوله بعده ( فلما رأوه عارضا ) وقوله ( بل هو ما استعجلتم به ) . وأرادوا : ائتنا به الآن لأن المقام مقام تكذيب بأن عبادة آلهتهم تجر لهم العذاب .
و ( من الصادقين ) أبلغ في الوصف بالصدق من أن يقال : إن كنت صادقا كما تقرر في قوله تعالى ( وكان من الكافرين ) في سورة البقرة أي إن كنت في قولك هذا من الذين صدقوا أي فإن لم تأت به فما أنت بصادق فيه .
( قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أريكم قوما تجهلون [ 23 ] ) لما جعلوا قولهم ( فأتنا بما تعدنا ان كنت من الصادقين ) فصلا بينهم وبينه فيما أنذرهم من كون عبادة غير الله توجب عذاب يوم عظيم كان الأمر في قولهم ( فأتنا ) مقتضيا الفور أي طلب تعجيله ليدل على صدقه إذ الشأن أن لا يتأخر عن إظهار صدقه لهم .
وإسناد الإتيان بالعذاب إليه مجاز لأنه الواسطة في إتيان العذاب بأن يدعو الله أن يعجله أو جعلوا العذاب في مكنته يأتي به متى أراد تهكما به إذ قال لهم إنه مرسل من الله فجعلوا ذلك مقتضيا أن بينه وبين الله تعاونا وتطاوعا أي فلا تتأخر عن الإتيان به .
وقد دل على هذا الاقتضاء قوله لهم حين نزول العذاب ( بل هو ما استعجلتم به ) فلذلك كان جوابه أن قال ( إنما العلم عند الله ) أي علم وقت إتيان العذاب محفوظ عند الله لا يطلع عليه أحد فالتعريف في ( العلم ) للاستغراق العرفي أي علم المغيبات أو التعريف عوض عن المضاف إليه أي وقت العذاب . وهذا الجواب يجري على جميع الاحتمالات في معنى قولهم ( فأتنا بما تعدنا ) لأن جميعها يقتضي أنه عالم بوقته .
والحصر هنا حقيقي كقوله ( لا يجليها لوقتها إلا هو ) والمقصود من هذا الحصر شموله نفي العلم بوقت العذاب عن المتكلم ردا على قولهم ( فأتنا بما تعدنا ) .
و ( عند ) هنا مجاز في الانفراد بالعلم أي فالله هو العالم بالوقت الذي يرسل فيه العذاب لحكمة في تأخيره .
ومعنى ( وأبلغكم ما أرسلت به ) أنه بعث مبلغا أمر الله وإنذاره ولم يبعث للإعلام بوقت حلول العذاب كقوله تعالى ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها ) فقوله ( أبلغكم ما أرسلت به ) جملة معترضة بين جملة ( إنما العلم عند الله ) وجملة ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) .
A E وموقع الاستدراك بقوله ( ولكني أراكم قوما تجهلون ) أنه عن قوله ( إنما العلم عند الله ) أي ولكنكم تجهلون صفات الله وحكمة إرساله الرسل فتحسبون أن الرسل وسائط لإنهاء اقتراح الخلق على الله أن يريهم العجائب ويساجلهم في الرغائب فمناط الاستدراك هو معمول خبر ( لكن ) وهو ( قوما تجهلون ) والتقدير : ولكنكم قوم يجهلون فإدخال حرف الاستدراك على ضمير المتكلم عدول عن الظاهر لئلا يبادرهم بالتجهيل استنزالا لطائرهم فجعل جهلهم مظنونا له لينظروا في صحة ما ظنه من عدمها .
وإنما زيد ( قوما ) ولم يقتصر على ( تجهلون ) للدلالة على تمكن الجهالة منهم حتى صارت من مقومات قوميتهم وللدلالة على أنها عمت جميع القبيلة كما قال لوط لقومه ( أليس منكم رجل رشيد ) .
وقرأ الجمهور ( وأبلغكم ) بتشديد اللام . وقرأه أبو عمرو بتخفيف اللام . يقال : بلغ الخبر بالتضعيف وأبلغه بالهمز إذا جعله بالغا .
( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم [ 24 ] تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين [ 25 ] ) الفاء لتفريع بقية القصة على ما ذكر منها أي فلما أراد الله إصابتهم بالعذاب ورأوه عارض قالوا ( هذا عارض ) إلى آخره ففي الكلام تقدير يدل عليه السياق ويسمى التفريع فيه فصيحة وقد طوي ذكر ما حدث بين تكذيبهم هودا وبين نزول العذاب بهم وذكر في كتب تاريخ العرب أنهم أصابهم قحط شديد سنين وأن هودا فارقهم فخرج إلى مكة ومات بها وقد قيل إنه دفن في الحجر حول الكعبة وتقدم في سورة الحجر