وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وما ذكر من الدعاء لذريته بقوله ( وأصلح لي في ذريتي ) استطراد في أثناء الوصاية بالدعاء للوالدين بأن لا يغفل الإنسان عن التفكر في مستقبله بأن يصرف عنايته إلى ذريته كما صرفها إلى أبويه ليكون له من إحسان ذريته إليه مثل ما كان منه لأبويه وإصلاح الذرية يشمل إلهامهم الدعاء إلى الوالد .
وفي إدماج تلقين الدعاء بإصلاح ذريته مع أن سياق الكلام في الإحسان إلى الوالدين إيماء إلى أن المرء يلقى من إحسان أبنائه إليه مثل ما لقي أبواه من إحسانه إليهما ولأن دعوة الأب لابنه مرجوة الإجابة . وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة الوالد على ولده ودعوة المسافر ودعوة المظلوم " وفي رواية " لولده " وهو حديث حسن متعددة طرقه .
واللام في ( وأصلح لي ) لام العلة أي أصلح في ذريتي لأجلي ومنفعتي كقوله تعالى ( ألم نشرح لك صدرك ) . ونكتة زيادة هذا في الدعاء أنه بعد أن أشار إلى نعم الله عليه وعلى والديه تعرض إلى نفحات الله فسأله إصلاح ذريته وعرض بأن إصلاحهم لفائدته وهذا تمهيد لبساط الإجابة كأنه يقول : كما ابتدأتني بنعمتك وابتدأت والدي بنعمتك ومتعتهما بتوفيقي إلى برهما كمل إنعامك بإصلاح ذريتي فإن إصلاحهم لي . وهذه ترقيات بديعة في درجات القرب .
A E ومعنى ظرفية ( في ذريتي ) أن ذريته نزلت منزلة الظرف يستقر فيه ما هو به الإصلاح ويحتوي عليه وهو يفيد تمكن الإصلاح من الذرية وتغلغله فيهم . ونظيره في الظرفية قوله تعالى ( وجعلها كلمة باقية في عقبه ) .
وجملة ( إني تبت إليك ) كالتعليل للمطلوب بالدعاء تعليل توسل بصلة الإيمان والإقرار بالنعمة والعبودية .
وحرف ( إن ) للاهتمام بالخبر كما هو ظاهر وبذلك يستعمل حرف ( إن ) في مقام التعليل ويغني غناء الفاء .
والمراد بالتوبة : الإيمان لأنه توبة من الشرك وبكونه من المسلمين أنه تبع شرائع الإسلام وهي الأعمال . وقال ( من المسلمين ) دون أن يقول : وأسلمت كما قال ( تبت إليك ) لما يؤذن به اسم الفاعل من التلبس بمعنى الفعل في الحال وهو التجدد لأن الأعمال متجددة متكررة وأما الإيمان فإنما يحصل دفعة فيستقر لأنه اعتقاد وفيه الرعي على الفاصلة . هذا وجه تفسير الآية بما تعطيه تراكيبها ونظمها دون تكلف ولا تحمل وهي عامة لكل مسلم أهل لوصاية الله تعالى بوالديه والدعاء لهما إن كانا مؤمنين .
( أولئك الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون [ 16 ] ) جيء باسم الإشارة للغرض الذي ذكرناه آنفا عند قوله ( أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها ) . وكونه إشارة جمع ومخبرة عنه بألفاظ الجمع ظاهر في أن المراد بالإنسان من قوله ( ووصينا الإنسان ) غير معين بل المراد الجنس المستعمل في الاستغراق كما قدمناه .
والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لأن ما قبلها من الوصف والحث يحدث ترقب السامع لمعرفة فائدة ذلك فكان قوله ( أولئك الذين يتقبل عنهم ) إلى آخره جوابا لترقية .
وعموم ( أحسن ما عملوا ) يكسب الجملة فائدة التذييل أي الإحسان بالوالدين والدعاء لهما وللذرية من أفضل الأعمال فهو من أحسن ما عملوا . وقد تقبل منهم كل ما هو أحسن ما عملوا . والتقبل : ترتب آثار العمل من ثواب على العمل واستجابة للدعاء . وفي هذا إيماء إلى أن هذا الدعاء مرجو الإجابة لأن الله تولى تلقينه مثل الدعاء الذي في سورة الفاتحة ودعاء آخر سورة البقرة .
وعدي فعل ( يتقبل ) بحرف ( عن ) وحقه أن يعدى بحرف ( من ) تغليبا لجانب المدعو لهم وهم الوالدان والذرية لأن دعاء الولد والوالد لأولئك بمنزلة النيابة عنهم في عبادة الدعاء وإذا كان العمل بالنيابة متقبلا علم أن عمل المرء لنفسه متقبل أيضا ففي الكلام اختصار كأنه قيل : أولئك يتقبل منهم ويتقبل عن والديهم وذريتهم أحسن ما عملوا .
وقرأ الجمهور ( يتقبل ) و ( يتجاوز ) بالياء التحتية مضمونة مبنيين للنائب و ( أحسن ) مرفوع على النيابة عن الفاعل ولم يذكر الفاعل لظهور أن المتقبل هو الله . وقرأهما حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بنونين مفتوحتين ونصب ( أحسن )