وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( حتى ) ابتدائية ومعناها معنى فاء التفريع على الكلام المتقدم وإذ كانت ( حتى ) لا يفارقها معنى الغاية كانت مؤذنة هنا بأن الإنسان تدرج في أطواره من وقت فصاله إلى أن بلغ أشده أي هو موصى بوالديه حسنا في الأطوار الموالية لفصاله أي يوصيه وليه في أطوار طفولته ثم عليه مراعاة وصية الله في وقت تكليفه .
ووقوع ( إذا ) بعد ( حتى ) ليرتب عليها توقيت ما بعد الغاية من الخبر أي كانت الغاية وقت بلوغه الأشد وقد تقدمت نظائر قريبا وبعيدا منها قوله تعالى ( حتى إذا فشلتم ) في سورة آل عمران .
ولما كان ( إذا ) ظرفا لزمن مستقبل كان الفعل الماضي بعدها منقلبا إلى الاستقبال وإنما صيغ بصيغة الماضي تشبيها للمؤكد تحصيله بالواقع فهو استعارة .
و ( إذا ) تجريد للاستعارة والمعنى : حتى يبلغ أشده أي يستمر على الإحسان إليهما إلى أن يبلغ أشده فإذا بلغه ( قال رب أوزعني ) أي طلب العون من الله على زيادة الإحسان إليهما بأن يلهمه الشكر على نعمه عليه وعلى والديه .
ومن جملة النعم عليه أن ألهمه الإحسان لوالديه .
ومن جملة نعمه على والديه أن سخر لهما هذا الولد ليحسن إليهما فهاتان النعمتان أول ما يتبادر عن عموم نعمة الله عليه وعلى والديه لأن المقام للحديث عنهما .
A E وهذا إشارة إلى أن الفعل المؤقت ببلوغ الأشد وهو فعل ( قال رب أوزعني ) من جملة ما وصي به الإنسان أي أن يحسن إلى والديه في وقت بلوغه الأشد . فالمعنى : ووصينا الإنسان حسنا بوالديه حتى في زمن بلوغه الأشد أي أن لا يفتر عن الإحسان إليهما بكل وجه حتى بالدعاء لهما .
وإنما خص زمان بلوغه الأشد لأنه زمن يكثر فيه الكلف بالسعي للرزق إذ يكون له فيه زوجة وأبناء وتكثر تكاليف المرأة فيكون لها فيه زوج وبيت وأبناء فيكونان مظنة أن تشغلهما التكاليف عن تعهد والديهما والإحسان إليهما فنبها بأن لا يفترا عن الإحسان إلى الوالدين .
ومعنى ( قال رب أوزعني ) أنه دعا ربه بذلك ومعناه : أنه مأمور بالدعاء إليهما بأنه لا يشغله الدعاء لنفسه عن الدعاء لهما وبأنه يحسن إليهما بظهر الغيب منهما حين مناجاته ربه فلا جرم أن إحسانه إليهما في المواجهة حاصل بفحوى الخطاب كما في طريقة الفحوى في النهي عن أذاهما بقوله تعالى ( فلا تقل لهما أف ) .
وحاصل المعنى : أن الله أمر بالإحسان إلى الوالدين في المشاهدة والغيبة وبجميع وسائل الإحسان الذي غايته حصول النفع لهما وهو معنى قوله تعالى ( وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) وأن الله لما أمر بالدعاء للأبوين وعد بإجابته على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعلم بثه في صدور الرجال وولد صالح يدعو له بخير " .
وما شكر الولد ربه على النعمة التي أنعمها الله على والديه إلا من باب نيابته عنهما في هذا الشكر وهو من جملة العمل الذي يؤديه الولد عن والديه .
وفي حديث الفضل بن عباس أن المرأة الخثعمية قالت : لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حجة الوداع " إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة أفيجزئ أن أحج عنه " قال : نعم حجي عنه وهو حج غير واجب على أبيها لعجزه .
والأشد : حالة اشتداد القوى العقلية والجسدية وهو جمع لم يسمع له بمفرد . وقيل مفرده : شدة بكسر الشين وها التأنيث مثل نعمة جمعها أنعم وليس الأشد اسما لعدد من سني العمر وإنما سنو العمر مظنة للأشد . ووقته ما بعد الثلاثين سنة وتمامه عند الأربعين سنة ولذلك عطف على ( بلغ أشده ) قوله ( وبلغ أربعين سنة ) أي بلغ الأشد ووصل إلى أكمله فهو كقوله تعالى ( ولما بلغ أشده واستوى ) وتقدم في سورة يوسف وليس قوله ( وبلغ أربعين سنة ) تأكيدا لقوله ( بلغ أشده ) لأن إعادة فعل بلغ تبعد احتمال التأكيد وحرف العطف أيضا يبعد ذلك الاحتمال .
و ( أوزعني ) : ألهمني . وأصل فعل أوزع الدلالة على إزالة الوزع أي الانكفاف عن عمل ما فالهمزة فيه للإزالة وتقدم في سورة النمل .
و ( نعمتك ) اسم مصدر مضاف يعم أي ألهمني شكر النعم التي أنعمت بها علي وعلى والدي من جميع النعم الدينية كالإيمان والتوفيق ومن النعم الدنيوية كالصحة والجدة