A E والإغناء : الإفادة والنفع بالكثير أو القليل وضميرا ( ولا هم ينصرون ) راجعان إلى ما رجع إليه ضمير ( أهم خير ) وهو اسم الإشارة من قوله ( إن هؤلاء ليقولون ) . والمعنى : أنهم لا يغني عنهم أولياؤهم المظنون بهم ذلك ولا ينصرهم مقيضون آخرون ليسوا من مواليهم تأخذهم الحمية أو الغيرة أو الشفقة فينصرونهم .
والنصر : الإعانة على العدو وعلى الغالب وهو أشد الإغناء .
فعطف ( ولا هم ينصرون ) على ( لا يغني مولى عن مولى شيئا ) زيادة في نفي عدم الإغناء .
فمحصل المعنى أنه لا يغني موال عن مواليه بشيء من الإغناء حسب مستطاعه ولا ينصرهم ناصر شديد الاستطاعة هو أقوى منهم يدفع عنهم غلب القوي عليهم فالله هو الغالب لا يدفعه غالب .
وبني فعل ( ينصرون ) إلى المجهول ليعم نفي كل ناصر مع إيجاز العبارة .
والاستثناء بقوله ( إلا من رحم الله ) وقع عقب جملتي ( لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون ) فحق بأن يرجع إلى ما يصلح للاستثناء منه في تينك الجملتين . ولنا في الجملتين ثلاثة ألفاظ تصلح لأن يستثنى منها وهي ( مولى ) الأول المرفوع بفعل ( يغني ) و ( مولى ) الثاني المجرور بحرف ( عن ) وضمير ( ولا هم ينصرون ) فالاستثناء بالنسبة إلى الثلاثة استثناء متصل أي إلا من C من الموالي أي فإنه يأذن أن يشفع فيه ويأذن للشافع بأن يشفع كما قال تعالى ( ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ) وقال ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) . وفي حديث الشفاعة أنه يقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم " سل تعطه واشفع تشفع " . والشفاعة : إغناء عن المشفوع فيه . والشفعاء يومئذ أولياء للمؤمنين فإن من الشفعاء الملائكة وقد حكى الله عنهم قولهم للمؤمنين ( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
وقيل هو استثناء منقطع لأن من C ليس داخلا في شيء قبله مما يدل على أهل المحشر والمعنى : لكن من C لا يحتاج إلى من يغني عنه أو ينصره وهذا قول الكسائي والفراء .
وأسباب رحمة الله كثيرة مرجعها إلى رضاه عن عبده وذلك سر يعلمه الله .
وجملة ( إنه هو العزيز الرحيم ) استئناف بياني هو جواب مجمل عن سؤال سائل عن تعيين من C أي أن الله عزيز لا يكرهه أحد على العدول عن مراده فهو يرحم من يرحمه بمحض مشيئته وهو رحيم أي واسع الرحمة لمن يشاء من عباده على وفق ما جرى به علمه وحكمته ووعده . وفي الحديث " ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .
( إن شجرت الزقوم [ 43 ] طعام الأثيم [ 44 ] كالمهل تغلي في البطون [ 45 ] كغلي الحميم [ 46 ] خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم [ 47 ] ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم [ 48 ] ذق إنك أنت العزيز الكريم [ 49 ] إن هذا ما كنتم به تمترون [ 50 ] ) لما ذكر الله فريقا مرحومين على وجه الأجمال قابله هنا بفريق معذبون وهم المشركون ووصف بعض أصناف عذابهم وهو مأكلهم وإهانتهم وتحريقهم فكان مقتضى الظاهر أن يبتدأ الكلام بالإخبار عنهم بأنهم يأكلون شجرة الزقوم كما قال في سورة الواقعة ( ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم ) الآية فعدل عن ذلك إلى الإخبار عن شجرة الزقوم بأنها طعام الأثيم اهتماما بالإعلام بحال هذه الشجرة . وقد جعلت شجرة الزقوم شيئا معلوما للسامعين فأخبر عنها بطريق تعريف الإضافة لأنها سبق ذكرها في سورة الواقعة التي نزلت قبل سورة الدخان فإن الواقعة عدت السادسة والأربعين في عداد نزول السور وسورة الدخان ثالثة وستين .
ومعنى كون الشجرة طعاما أن ثمرها طعام كما قال تعالى ( طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها ) .
وكتبت كلمة ( شجرت ) في المصاحف بتاء مفتوحة مراعاة لحالة الوصل وكان الشائع في رسم أواخر الكلم أن تراعي فيه حالة الوقف فهذا مما جاء على خلاف الأصل .
والأثيم : الكثير الآثام كما دلت عليه زنة فعيل . والمراد به : المشركون المذكورون في قوله ( إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتننا الأولى ) فهذا من الإظهار في مقام الإضمار لقصد الإيماء إلى أن المهم بالشرك مع سبب معاملتهم هذه وتقدم الكلام على شجرة الزقوم في سورة الصافات عند قوله تعالى ( أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ) .
A E