وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( ولأبين لكم ) عطف على ( بالحكمة ) لأن كليهما متعلق بفعل ( جئتكم ) . واللام للتعليل . والتبيين : تجلية المعاني الخفية لغموض أو سوء تأويل والمراد ما بينه عيسى في الإنجيل وغيره مما اختلفت فيه أفهام اليهود من الأحكام المتعلقة بفهم التوراة أو بتعيين الأحكام للحوادث الطارئة .
ولم يذكر في هذه الآية قوله المحكي في آية سورة النساء ( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ) لأن ذلك قد قاله في مقام آخر .
والمقصود حكاية ما قاله لهم مما ليس شأنه أن يثير عليه قومه بالتكذيب فهم كذبوه في وقت لم يذكر لهم فيه أنه جاء بنسخ بعض الأحكام من التوراة أي كذبوه في حال ظهور آيات صدقه بالمعجزات وفي حال انتفاء ما من شأنه أن يثير عليه شكا .
وإنما قال ( بعض الذي تختلفون فيه ) إما لأن الله أعلمه بأن المصلحة لم تتعلق ببيان كل ما اختلفوا فيه بل يقتصر على البعض ثم يكمل بيان الباقي على لسان رسول يأتي من بعده يبين جميع ما يحتاج إلى البيان .
وإما لأن ما أوحي إليه من البيان غير شامل لجميع ما هم مختلفون في حكمه وهو ينتظر بيانه من بعد تدريجا في التشريع كما وقع في تدريج تحريم الخمر في الإسلام .
وقيل : المراد ب ( بعض الذي تختلفون فيه ) ما كان الاختلاف فيه راجعا إلى أحكام الدين دون ما كان من الاختلاف في أمور الدنيا .
وفي قوله ( بعض الذي تختلفون فيه ) تهيئة لهم لقبول ما سيبين لهم حينئذ أو من بعد .
وهذه الآية تدل على جواز تأخير البيان فيما له ظاهر وفي ما يرجع إلى البيان بالنسخ والمسألة من أصول الفقه .
وفرع على إجمال فاتحة كلامه قوله ( فاتقوا الله وأطيعون ) . وهذا كلام جامع لتفاصيل الحكمة وبيان ما يختلفون فيه فإن التقوى مخافة الله . وقد جاء في الأثر " رأي الحكمة مخافة الله " وطاعة الرسول تشمل معنى ( ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه ) فإذا أطاعوه عملوا بما يبين لهم فيحصل المقصود من البيان وهو العمل . وأجمع منه قول النبي صلى الله عليه وسلم لسفيان الثقفي وقد سأله أن يقول له في الإسلام قولا لا يسأل عنه أحدا غيره ( قل آمنت بالله ثم استقم ) لأنه أليق بكلمة جامعة في شريعة لا يترقب بعدها مجيء شريعة أخرى بخلاف قول عيسى عليه السلام ( وأطيعون ) فإنه محدود بمدة وجوده بينهم .
وجملة ( إن الله هو ربي وربكم ) تعليل لجملة ( فاتقوا الله وأطيعون ) لأنه إذا ثبت تفرده بالربوبية توجه الأمر بعبادته إذ لا يخاف الله إلا من اعترف بربوبيته وانفراده بها .
وضمير الفصل أفاد القصر أي الله ربي لا غيره . وهذا إعلان بالوحدانية وإن كان القوم الذين أرسل إليهم عيسى موحدين لكن قد ظهرت بدعة في بعض فرقهم الذين قالوا : عزير ابن الله .
وتأكيد الجملة ب ( إن ) لمزيد الاهتمام بالخبر فإن المخاطبين غير منكرين ذلك .
وتقديم نفسه على قومه في قوله ( ربي وربكم ) لقصد سد ذرائع الغلو في تقديس عيسى وذلك من معجزاته لأن الله علم أنه ستغلو فيه فرق من أتباعه فيزعمون بنوته من الله على الحقيقة ويضلون بكلمات الإنجيل التي يقول فيها عيسى : أبي مريدا به الله تعالى .
وفرع على إثبات التوحيد لله الأمر بعبادته بقوله ( فاعبدوه ) فإن المنفرد بالإلهية حقيق بأن يعبد .
A E والإشارة ب ( هذا صراط مستقيم ) إلى مضمون قوله ( فاتقوا الله وأطيعون ) أي هذا طريق الوصول إلى الفوز عن بصيرة ودون تردد كما أن الصراط المستقيم لا ينبهم السير فيه على السائر .
( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم [ 65 ] ) هذا التفريع هو المقصود من سوق القصة مساق التنظير بين أحوال الرسل أي عقب دعوته اختلاف الأحزاب من بين الأمة الذين بعث إليهم والذين تقلدوا ملته طلبا للاهتداء .
وهذا التفريع دليل على جواب ( لما ) المحذوف .
وضمير ( بينهم ) مراد به الذين جاءهم عيسى لأنهم معلومون من سياق القصة من قوله ( جاء عيسى ) فإن المجيء يقتضي مجيئا إليه وهم اليهود