وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

لما أبلغت أسماعهم أفانين المواعظ والأوامر والنواهي وجرى في خلال ذلك تحذيرهم من الإصرار على الإعراض عن القرآن وإعلامهم بأن ذلك يفضي بهم إلى مقارنة الشيطان وأخذ ذلك حظه من البيان انتقل الكلام إلى نهيهم عن أن يحصل صد الشيطان إياهم عن هذا الدين والقرآن الذي دعوا إلى اتباعه بقوله ( واتبعون هذا صراط مستقيم ) تنبيها على أن الصدود عن هذا الدين من وسوسة الشيطان وتذكيرا بعداوة الشيطان للإنسان عداوة قوية لا يفارقها الدفع بالناس إلى مساوي الأعمال ليوقعهم في العذاب تشفيا لعداوته .
وقد صيغ النهي عن اتباع الشيطان في صده إياهم بصيغة نهي الشيطان عن أن يصدهم للإشارة إلى أن في مكنتهم الاحتفاظ من الارتباق في شباك الشيطان فكني بنهي الشيطان عن صدهم عن نهيهم عن الطاعة له بأبلغ من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم إليهم على طريقة قول العرب : لا أعرفنك تفعل كذا ولا ألفينك في موضع كذا .
وجملة ( إنه لكم عدو مبين ) تعليل للنهي عن أن يصدهم الشيطان فإن شأن العاقل أن يحذر من مكائد عدوه .
وعداوة الشيطان للبشر ناشئة من خبث كينونته مع ما أنضم إلى ذلك الخبث من تنافي العنصرين فإذا التقى التنافي مع خبث الطبع نشأ من مجموعهما القصد بالأذى وقد أذكى تلك العداوة حدث قارن نشأة نوع الإنسان عند تكوينه في قصته مع آدم كما قصه القرآن غير مرة .
وحرف ( إن ) هنا موقعة موقع فاء التسبب في إفادة التعليل .
( ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون [ 63 ] إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم [ 64 ] ) قد علمت آنفا أن هذا هو المقصود من ذكر عيسى عليه السلام فهو عطف على قصة إرسال موسى .
ولم يذكر جواب ( لما ) فهو محذوف لدلالة بقية الكلام عليه .
وموقع حرف ( لما ) هنا أن مجيء عيسى بالبينات صار معلوما للسامع مما تقدم في قوله ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) الآية أي لما جاءهم عيسى اختلف الأحزاب فيما جاء به فحذف جواب ( لما ) لأن المقصود هو قوله ( فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ) لأنه يفيد أن سنن الأمم المبعوث إليهم الرسل لم يختلف فإنه لم يخل رسول عن قوم آمنوا به وقوم كذبوه ثم كانوا سواء في نسبة الشركاء في الإلهية بمزاعم النصارى أن عيسى ابن لله تعالى كما أشار إليه قوله ( فويل للذين ظلموا ) أي أشركوا كما هو اصطلاح القرآن غالبا . فتم التشابه بين الرسل السابقين وبين محمد صلى الله عليهم أجمعين فحصل في الكلام إيجاز تدل عليه فاء التفريع .
وفي قصة عيسى مع قومه تنبيه على أن الإشراك من عوارض أهل الضلالة لا يلبث أن يخامر نفوسهم وإن لم يكن عالقا بها من قبل فإن عيسى بعث إلى قوم لم يكونوا يدينون بالشرك إذ هو قد بعث لبني إسرائيل وكلهم موحدون فلما اختلف أتباعه بينهم وكذبت به فرق وصدقه فريق ثم لن يتبعوا ما أمرهم به لم يلبثوا أن حدثت فيهم نحلة الإشراك .
A E وجملة ( قال قد جئتكم بالحكمة ) مبينة لجملة ( جاء عيسى بالبينات ) وليست جوابا لشرط ( لما ) الذي جعل التفريع في قوله ( فاختلف الأحزاب من بينهم ) دليلا عليه .
وفي إيقاع جملة ( قد جئتكم بالحكمة ) بيانا لجملة ( جاء عيسى بالبينات ) إيماء إلى أنه بادأهم بهذا القول لأن شأن أهل الضلالة أن يسرعوا إلى غاياتها ولو كانت مبادئ الدعوة تنافي عقائدهم أي لم يدعهم عيسى إلى أكثر من اتباع الحكمة وبيان المختلف فيه ولم يدعهم إلى ما ينافي أصول شريعة التوراة ومع ذلك لم يخل حاله من صدود مريع عنه وتكذيب .
وابتداؤه بإعلامهم أنه جاءهم بالحكمة والبيان " وهو إجمال حال رسالته " ترغيب لهم في وعي ما سيلقيه إليهم من تفاصيل الدعوة المفرع بعضها على هذه المقدمة بقوله ( فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه ) .
والحكمة هي معرفة ما يؤدي إلى الحسن ويكف عن القبيح وهي هنا النبوة وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى ( يؤتي الحكمة من يشاء ) في سورة البقرة .
وقد جاء عيسى بتعليمهم حقائق من الأخلاق الفاضلة والمواعظ