وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز أن يكون ضمير النصب في ( ضربوه ) عائدا إلى مصدر مأخوذ من فعل ( وقالوا ) أي ما ضربوا ذلك القول أي ما قالوه إلا جدلا . فالضرب بمعنى الإيجاد كما يقال : ضرب بيتا وقول الفرزدق : .
" ضربت عليك العنكبوت بنسجها والاستثناء في ( إلا جدلا ) مفرغ للمفعول لأجله أو للحال فيجوز أن ينتصب ( جدلا ) على المفعول لأجله أي ما ضربوه لشيء إلا للجدل ويجوز أن ينصب على الحال بتأويله بمجادلين أي ما ضربوه في حال من أحوالهم إلا في حال أنهم مجادلون لا مؤمنون بذلك .
وقوله ( بل هم قوم خصمون ) إضراب انتقالي إلى وصفهم بحب الخصام وإظهارهم من الحجج ما لا يعتقدونه تمويها على عامتهم .
والخصم بكسر الصاد : شديد التمسك بالخصومة واللجاج مع ظهور الحق عنده فهو يظهر أن ذلك ليس بحق .
وقرأ الجمهور ( أآلهتنا ) بتسهيل الهمزة الثانية . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي بتخفيفها .
( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل [ 59 ] ) لما ذكر ما يشير إلى قصة جدال ابن الزبعرى في قوله تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) وكان سبب جداله هو أن عيسى قد عبد من دون الله لم يترك الكلام ينقضي دون أن يردف بتقرير عبودية عيسى لهذه المناسبة إظهارا لخطل رأي الذين ادعوا إلهيته وعبدوه وهم النصارى حرصا على الاستدلال للحق .
وقد قصر عيسى على العبودية على طريقة قصر القلب للرد على الذين زعموه إلها أي ما هو إلا عبد لا إله لأن الإلهية تنافي العبودية . ثم كان قوله ( أنعمنا عليه ) إشارة إلى أنه قد فضل بنعمة الرسالة أي فليست له خصوصية مزية على بقية الرسل وليس تكوينه بدون أب إلا إرهاصا .
وأما قوله ( وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) فهو إبطال لشبهة الذين ألهوه بتوهمهم أن كونه خلق بكلمة من الله يفيد أنه جزء من الله فهو حقيق بالإلهية أي كان خلقه في بطن أمه دون أن يقربها ذكر ليكون عبرة عجيبة في بني إسرائيل لأنهم كانوا قد ضعف إيمانهم بالغيب وبعد عهدهم بإرسال الرسل فبعث الله عيسى مجددا للإيمان بينهم ومبرهنا بمعجزاته على عظم قدرة الله ومعيدا لتشريف الله بني إسرائيل إذ جعل فيهم أنبياء ليكون ذلك سببا لقوة الإيمان فيهم ومظهرا لفضيلة أهل الفضل الذين آمنوا به ولعناد الذين منعهم الدفع عن حرمتهم من الاعتراف بمعجزاته فناصبوه العداء وسعوا للتنكيل به وقتله فعصمه الله منهم ورفعه من بينهم فاهتدى به أقوام وافتتن به آخرون .
فالمثل هنا بمعنى العبرة كالذي في قوله آنفا ( فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ) .
وفي قوله ( لبني إسرائيل ) إشارة إلى أن عيسى لم يبعث إلا إلى بني إسرائيل وأنه لم يدع غير بني إسرائيل إلى اتباع دينه ومن اتبعوه من غير بني إسرائيل في عصور الكفر والشرك فإنما تقلدوا دعوته لأنها تنقذهم من ظلمات الشرك والوثينة والتعطيل .
( ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون [ 60 ] ) A E لما أشارت الآية السابقة إلى إبطال ضلالة الذين زعموا عيسى عليه السلام ابنا لله تعالى من قصره على كونه عبدا لله أنعم الله عليه بالرسالة وأنه عبرة لبني إسرائيل عقب ذلك بإبطال ما يماثل تلك الضلالة وهي ضلالة بعض المشركين في ادعاء بنوة الملائكة لله تعالى المتقدم حكايتها في قوله ( وجعلوا له من عباده جزءا ) الآيات فأشير إلى أن الملائكة عباد لله تعالى جعل مكانهم العوالم العليا وأنه لو شاء لجعلهم من سكان الأرض بدلا عن الناس أي أن كونهم من أهل العوالم العليا لم يكن واجبا لهم بالذات وما هو إلا وضع بجعل من الله تعالى كما جعل للأرض سكانا ولو شاء الله لعكس فجعل الملائكة في الأرض بدلا عن الناس فليس تشريف الله إياهم بسكني العوالم العليا بموجب بنوتهم لله ولا بمقتض لهم إلهية كما لم يكن تشريف عيسى بنعمة الرسالة ولا تمييزه بالتكون من دون أب مقتضيا له إلهية وإنما هو بجعل الله وخلقه .
وجعل شرط ( لو ) فعلا مستقبلا للدلالة على أن هذه المشيئة لم تزل ممكنة بأن يعوض للملائكة سكنى الأرض .
ومعنى ( من ) في قوله ( منكم ) البدلية والعوض كالتي في قوله تعالى ( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة )