وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمثل : النظير والمشابه يقال : مثل " بفتحتين " كما يقال شبه أي مماثل . قال أبو علي الفارسي : المثل واحد يراد به الجمع . وأطلق المثل على لازمه على سبيل الكناية أي جعلناهم عبرة للآخرين يعلمون أنهم إن عملوا مثل عملهم أصابهم مثل ما أصابهم .
ويجوز أن يكون المثل هنا بمعنى الحديث العجيب الشأن الذي يسير بين الناس مسير الأمثال أي جعلناهم للآخرين حديثا يتحدثون به ويعظهم به محدثهم .
ومعنى الآخرين الناس الذين هم آخر مماثل لهم في حين هذا الكلام فتعين أنهم المشركون المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم فإن هؤلاء هم آخر الأمم المشابهة لقوم فرعون في عبادة الأصنام وتكذيب الرسول . ومعنى الكلام : فجعلناهم سلفا لكم ومثلا لكم فاتعظوا بذلك .
ويتعلق ( للآخرين ) ب ( سلفا ومثلا ) على وجه التنازع .
( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون [ 57 ] وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون [ 58 ] ) عطف قصة من أقاصيص كفرهم وعنادهم على ما مضى من حكاية أقاويلهم جرت في مجادلة منهم مع النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا تصدير وتمهيد بين يدي قوله ( ولما جاء عيسى بالبينات ) الآيات الذي هو المقصود من عطف هذا الكلام على ذكر رسالة موسى عليه السلام .
واقتران الكلام ب ( لما ) المفيدة وجود جوابها عند وجود شرطها أو توقيته يقتضي أن مضمون شرط ( لما ) معلوم الحصول ومعلوم الزمان فهو إشارة إلى حديث جرى بسبب مثل ضربه ضارب لحال من أحوال عيسى على أن قولهم ( ألهتنا خير أم هو ) يحتمل أن يكون جرى في أثناء المجادلة في شأن عيسى ويحتمل أن يكون مجرد حكاية شبهة أخرى من شبه عقائدهم ففي هذه الآية إجمال يبينه ما بعرفه النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من جدل جرى مع المشركين ويزيده بيانا قوله ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) وهذه الآية من أخفى آي القرآن معنى مرادا .
وقد اختلف أهل التفسير في سبب نزول هذه الآية وما يبين إجمالها على ثلاثة أقوال ذكرها في الكشاف وزاد من عنده احتمالا رابعا . وأظهر الأقوال ما ذكره ابن عطية عن ابن عباس وما ذكره في الكشاف وجها ثانيا ووجها ثالثا أن المشركين لما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم بيان " إن مثل عيسى عند الله كمثل أدم " وليس خلقه من دون أب بأعجب من خلق آدم من دون أب ولا أم " أو ذلك قبل أن تنزل سورة آل عمران لأن تلك السورة مدنية وسورة الزخرف مكية " قالوا : نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدميا ونحن عبدنا الملائكة " أي يدفعون ما سفههم به النبي صلى الله عليه وسلم بأن حقه أن يسفه النصارى " فنزل قوله تعالى ( ولما ضرب ابن مريم مثلا ) الآية " ولعلهم قالوا ذلك عن تجاهل بما جاء في القرآن من رد على النصارى " .
والذي جرى عليه أكثر المفسرين أن سبب نزولها الإشارة إلى ما تقدم في سورة الأنبياء عند قوله تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ) إذ قال عبد الله بن الزبعرى قبل إسلامه للنبي صلى الله عليه وسلم " أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم " فقال النبي صلى الله عليه وسلم " هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم " قال : " خصمتك ورب الكعبة ألست تزعم أن عيسى بن مريم نبي وقد عبدته النصارى فإن كان عيسى في النار فقد رضينا أن نكون نحن وألهتنا معه " ففرح بكلامه من حضر من المشركين وضج أهل مكة بذلك فأنزل الله تعالى ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) في سورة الأنبياء ونزلت هذه الآية تشير إلى لجاجهم .
A E وبعض المفسرين يزيد في رواية كلام ابن الزبعرى " وقد عبدت بنو مليح الملائكة فإن كان عيسى والملائكة في النار فقد رضينا " . وهذا يتلاءم مع بناء فعل ( ضرب ) للمجهول لأن الذي جعل عيسى مثلا لمجادلته هو عبد الله بن الزبعرى وليس من عادة القرآن تسمية أمثاله ولو كان المثل مضروبا في القرآن لقال : ولما ضربنا ابن مريم مثلا كما قال بعده ( وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ) . ويتلاءم مع تعدية فعل ( يصدون ) بحرف ( من ) الابتدائية دون حرف ( عن ) ومع قوله ( ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) لأن الظاهر أن ضمير النصب في ( ضربوه ) عائد إلى ابن مريم