وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( مقترنين ) حال من ( الملائكة ) أي مقترنين معه فهذه الحال مؤكدة لمعنى ( معه ) لئلا يحمل معنى المعية على إرادة أن الملائكة تؤيده بالقول من قولهم : قرنته به فاقترن أي مقترنين بموسى وهو اقتران النصير لنصيره .
( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين [ 54 ] ) أي فتفرع عن نداء فرعون قومه أن أثر بتمويهه في نفوس ملئه فعجلوا بطاعته بعد أن كانوا متهيئين لاتباع موسى لما رأوا الآيات . فالخفة مستعارة للانتقال من حالة التأمل في خلع طاعة فرعون والتثاقل في اتباعه إلى التعجيل بالامتثال له كما يخف الشيء بعد التثاقل .
والمعنى يرجع إلى أنه استخف عقولهم فأسرعوا إلى التصديق بما قاله بعد أن صدقوا موسى في نفوسهم لما رأوا آياته نزولا ورفعا . والمراد ب ( قومه ) هنا بعض القوم وهم الذين حضروا مجلس دعوة موسى هؤلاء هم الملأ الذين كانوا في صحبة فرعون .
والسين والتاء في ( استخف ) للمبالغة في أخف مثل قوله تعالى ( إنما استزلهم الشيطان ) وقولهم : هذا فعل يستفز غضب الحليم .
وجملة ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) في موضع العلة لجملة فأطاعوه كما هو شأن ( إن ) إذا جاءت في غير مقام التأكيد فإن كونهم قد كانوا فاسقين أمر بين ضرورة أن موسى جاءهم فدعاهم إلى ترك ما كانوا عليه من عبادة الأصنام فلا يقتضي في المقام تأكيد كونهم فاسقين أي كافرين . والمعنى : أنهم إنما خفوا لطاعة رأس الكفر لقرب عهدهم بالكفر لأنهم كانوا يؤلهون فرعون فلما حصل لهم تردد في شأنه ببعثة موسى عليه السلام لم يلبثوا أن رجعوا إلى طاعة فرعون بأدنى سبب .
والمراد بالفسق هنا : الكفر كما قال في شأنهم في آية الأعراف ( سأوريكم دار الفاسقين ) .
( فلما أسفونا انتقمنا منهم فأغرقنهم أجمعين [ 55 ] فجعلنهم سلفا ومثلا للآخرين [ 56 ] ) عقب ما مضى من القصة بالمقصود وهو هذه الأمور الثلاثة المترتبة المتفرع بعضها على بعض وهي : الانتقام فالإغراق فالاعتبار بهم في الأمم بعدهم .
والأسف : الغضب المشوب بحزن وكدر وأطلق على صنيع فرعون وقومه فعل ( أسفونا ) لأنه فعل يترتب عليه انتقام الله منهم انتقاما كانتقام الآسف لأنهم عصوا رسوله وصمموا على شركهم بعد ظهور آيات الصدق لموسى عليه السلام .
فاستعير ( أسفونا ) لمعنى عصونا للمشابهة والمعنى : فلما عصونا عصيان العبد ربه المنعم عليه بكفران النعمة والله يستحيل عليه أن يتصف بالآسف كما يستحيل عليه أن يتصف بالغضب على الحقيقة فيؤول المعنى إلى أن الله عاملهم كما يعامل السيد المأسوف عبدا أسفه فلم يترك لرحمة سيده مسلكا .
وفعل أسف قاصر فعدي إلى المفعول بالهمزة .
وفي قوله ( فلما أسفونا ) إيجاز لأن كونهم مؤسفين لم يتقدم له ذكر حتى يبنى أنه كان سببا للانتقام منهم فدل إناطة أداة التوقيت به على أنه قد حصل والتقدير : فأسفونا فلما أسفونا انتقمنا منهم .
والانتقام تقدم معناه قريبا عند قوله تعالى ( فإنا منهم منتقمون ) .
وإنما عطف ( فأغرقناهم ) بالفاء على ( انتقمنا منهم ) مع أن إغراقهم هو عين الانتقام منهم إما لان فعل ( انتقمنا ) مؤول بقدرنا الانتقام منهم فيكون عطف ( فأغرقناهم ) بالفاء كالعطف في قوله ( أن يقول له كن فيكون ) وإما أن تجعل الفاء زائدة لتأكيد تسبب ( أسفونا ) في الإغراق وأصل التركيب : انتقمنا منهم أغرقناهم على أن جملة ( فأغرقناهم ) مبينة لجملة ( انتقمنا منهم ) فزيدت الفاء لتأكيد معنى التبيين وإما أن تجعل الفاء عاطفة جملة ( انتقمنا ) على جملة ( فاستخف قومه ) فأغرقناهم أجمعين وتكون جملة ( انتقمنا ) منهم معترضة بين الجملة المفرعة والمفرعة عنها وتقدم نظير هذا عند قوله تعالى ( فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم ) .
وفرع على إغراقهم أن الله جعلهم سلفا لقوم آخرين أي يأتون بعدهم .
A E والسلف بفتح السين وفتح اللام في قراءة الجمهور : جمع سالف مثل : خدم لخادم وحرس لحارس . والسالف الذي يسبق غيره في الوجود أو في عمل أو مكان ولما ذكر الانتقام كان المراد بالسلف هنا السالف في الانتقام أي أن من بعدهم سيلقون مثل ما لقوا . وقرأ حمزة وحده والكسائي ( سلفا ) بضم السين وضم اللام وهو جمع سليف اسم للفريق الذي سلف ومضى