وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والاستفهام في ( أفلا تبصرون ) تقريري جاء التقرير على النفي تحقيقا لإقرارهم حتى أن المقرر يفرض لهم الإنكار فلا ينكرون .
( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين [ 52 ] ) ( أم ) منقطعة بمعنى ( بل ) للإضراب الانتقالي . والتقدير : بل أأنا خير والاستفهام اللازم تقديره بعدها تقريري . ومقصوده : تصغير شأن موسى في نفوسهم بأشياء هي عوارض ليست مؤثرة انتقل من تعظيم شأن نفسه إلى إظهار البون بينه وبين موسى الذي جاء يحقر دينه وعبادة قومه إياه فقال : أنا خير من هذا . والإشارة هنا للتحقير . وجاء بالموصول لادعاء أن مضمون الصلة شيء عرف به موسى .
والمهين بفتح الميم : الذليل الضعيف أراد أنه غريب ليس من أهل بيوت الشرف في مصر وليس له أهل يعتز بهم وهذا سفسطة وتشغيب إذ ليس المقام مقام انتصار حتى يحقر القائم فيه بقلة النصير ولا مقام مباهاة حتى ينتقص صاحبه بضعف الحال .
وأشار بقوله ( ولا يكاد يبين ) إلى ما كان في منطق موسى من الحبسة والفهاهة كما حكى الله في الآية عن موسى ( وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردا يصدقني ) وفي الأخرى ( واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ) وليس مقام موسى يومئذ مقام خطابة ولا تعليم وتذكير حتى تكون قلة الفصاحة نقصا في عمله ولكنه مقام استدلال وحجة فيكفي أن يكون قادرا على إبلاغ مراده ولو بصعوبة وقد أزال الله عنه ذلك حين تفرغ لدعوة بني إسرائيل كما قال ( قد أوتيت سؤلك يا موسى ) .
ولعل فرعون قال ذلك لما يعلم من حال موسى قبل أن يرسله الله حين كان في بيت فرعون فذكر ذلك من حاله ليذكر الناس بأمر قديم فإن فرعون الذي بعث موسى في زمنه هو " منفطاح الثاني " وهو ابن " رعمسيس الثاني " الذي ولد موسى في أيامه وربي عنده وهذا يقتضي أن " منفطاح " كان يعرف موسى ولذلك قال له ( ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ) .
وأما رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فلما أرسل إلى أمة ذات فصاحة وبلاغة وكانت معجزته القرآن المعجز في بلاغته وفصاحته وكانت صفة الرسول الفصاحة لتكون له المكانة الجليلة في نفوس قومه .
ومعنى ( ولا يكاد يبين ) ويكاد أن لا يبين وقد تقدم القول في مثله عند قوله تعالى ( فذبحوها وما كادوا يفعلون ) في سورة البقرة .
( فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين [ 53 ] ) لما تضمن وصفه موسى بمهين ولا يكاد يبين أنه مكذب له دعواه الرسالة عن الله فرع عليه قوله ( فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب ) ترقيا في إحالة كونه رسولا من الله وفرعون لجهله أو تجاهله يخيل لقومه أن للرسالة شعارا كشعار الملوك .
و ( لولا ) حرف تحضيض مستعمل في التعجيز مثل ما في قوله ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) .
والإلقاء : الرمي وهو مستعمل هنا في الإنزال أي هلا ألقي عليه من السماء أساورة من ذهب أي سوره الرب بها ليجعله ملكا على الأمة .
وقرأ الجمهور ( أساورة ) وقرأ حفص عن عاصم ويعقوب ( أسورة ) .
والأساورة : جمع أسوار لغة في سوار . وأصل الجمع أساوير مخفف بحذف إشباع الكسرة ثم عوض الهاء عن الحروف كما عوضت في زنادقة جمع زنديق إذ حقه زناديق . وأما سوار فيجمع على أسورة .
والسوار : حلقة عريضة من ذهب أو فضة تحيط بالرسغ وهو عند معظم الأمم من حلية النساء الحرائر ولذلك جاء في المثل " لو ذات سوار لطمتني " أي لو حرة لطمتني قاله أحد الأسرى لطمته أمة لقوم هو أسيرهم . وكان السوار من شعار الملوك بفارس ومصر يلبس الملك سوارين . وقد كان من شعار الفراعنة لبس سوارين أو أسورة من ذهب وربما جعلوا سوارين على الرسغين وآخرين على العضدين . فلما تخيل فرعون أن رتبة الرسالة مثل الملك حسب افتقادها هو من شعار الملوك عندهم أمارة على انتفاء الرسالة .
A E و ( أو ) للترديد أي إن لم تلق عليه أساورة من ذهب فلتجئ معه طوائف من الملائكة شاهدين له بالرسالة .
ولم أقف على أنهم كانوا يثبتون وجود الملائكة بالمعنى المعروف عند أهل الدين الإلهي فلعل فرعون ذكر الملائكة مجاراة لموسى إذ لعله سمع منه أن لله ملائكة أو نحو ذلك في مقام الدعوة فأراد إفحامه بأن يأتي معه بالملائكة الذين يظهرون له