وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

و ( إذ ) أصله ظرف مبهم للزمن الماضي تفسره الجملة التي يضاف هو إليها ويخرج عن الظرفية إلى ما يقاربها بتوسع أو إلى ما يشابهها بالمجاز . وهو التعليل وهي هنا مجاز في معنى التعليل شبهت علة الشيء وسببه بالظرف في اللزوم له . وقد ذكر في مغني اللبيب معنى التعليل من معاني ( إذ ) ولم ينسبه لأحد من أئمة النحو واللغة .
وجوز الزمخشري أن تكون ( إذ ) بدلا من ( اليوم ) وتأول الكلام على جعل فعل ( ظلمتم ) بمعنى : تبين أنكم ظلمتم أي واستعمل الإخبار بمعنى التبين كقول زائد بن صعصعة الفقعسي : .
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ... ولم تجدي من أن تقري به بدا أي تبين أن لم تلدني لئيمة وتبعه ابن الحاجب في أماليه وقال ابن جني : راجعت أبا علي مرارا في قوله تعالى ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم ) الآية مستشكلا إبدال ( إذ ) من ( اليوم ) فآخر ما تحصل منه أن الدنيا والآخرة سواء في حكم الله وعلمه فكأن ( اليوم ) ماض أو كان ( إذ ) مستقبلة اه . وهو جواب وهن مدخول .
وأقول : اجتمع في هذه الآية دوال على ثلاثة أزمنة وهي ( لن ) لنفي المستقبل و ( اليوم ) اسم لزمن الحال و ( إذ ) اسم لزمن المضي وثلاثتها منوطة بفعل ( ينفعكم ) ومقتضياتها ينافي بعضها بعضا فالنفي في المستقبل ينافي التقييد ب ( اليوم ) الذي هو للحال و ( إذ ) ينافي نفي النفع في المستقبل وينافي التقييد ب ( اليوم ) فتصدى الزمحشري وغيره لدفع التنافي بين مقتضى ( إذ ) ومقتضى ( اليوم ) بتأويل معنى ( إذ ) كما علمت ولم يتصد هو ولا غيره لدفع التنافي بين مقتضى ( اليوم ) الدال على زمن الحال وبين مقتضى ( لن ) وهو حصول النفي في الاستقبال . وأنا أرى لدفعه أن يكون ( اليوم ) ظرفا للحكم والإخبار أي تقرر اليوم انتفاء انتفاعكم بالاشتراك في العذاب انتفاء مؤبدا من الآن كقول مقدام الدبيري : .
لن يخلص العام خليل عشرا ... ذاق الضماد أو يزور القبرا وقد حصل من اجتماع هذه الدوال الثلاث في الآية طباق عزيز بين ثلاثة معان متضادة في الجملة .
( أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين [ 40 ] ) تفريع على جملة ( ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا ) لأن ذلك أفاد توغلهم في الضلالة وعسر انفكاكهم عنها لأن مقارنة الشياطين لهم تقتضي ذلك فانتقل منه إلى التهوين على النبي صلى الله عليه وسلم ما يلاقيه من الكد والتحرق عليهم في تصميمهم على الكفر والغي وفيه إيماء إلى تأييس من اهتداء أكثرهم .
A E والاستفهام لإنكار أن يكون حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على هداهم ناجعا فيهم إذا كان الله قدر ضلالهم فأوجد أسبابه قال تعالى ( إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل ) ولما كان حال الرسول صلى الله عليه وسلم في معاودة دعوتهم كحال من يظن أنه قادر على إيصال التذكير إلى قلوبهم نزل منزلة من يظن ذلك فخوطب باستفهام الإنكار وسلط الاستفهام على كلام فيه طريق قصر بتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي مع إيلاء الضمير حرف الإنكار وهو قصر مؤكد وقصر قلب أي أنت لا تسمعهم ولا تهديهم بل الله يسمعهم ويهديهم إن شاء وهو نظير ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) .
ومن بديع معنى الآية أن الله وصف حال إعراضهم عن الذكر بالعشاء وهو النظر الذي لا يتبين شبح الشيء المنظور إليه ثم وصفهم هنا بالصم العمي إشارة إن التمحل للضلال ومحاولة تأييده ينقلب بصاحبه إلى أشد الضلال " لا أن التخلق يأتي دونه الخلق " والأحوال تنقلب ملكات . وهو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يزال العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذابا " أي حتى يحق عليه أن الكذب ملكة له وإذ قد كان إعراضهم انصرافا عن استماع القرآن وعن النظر في الآيات كان حالهم يشبه حال الصم العمي كما مهد لذلك بقوله ( ومن يعش عن ذكر الرحمان ) كما ذكرناه هنالك فظهرت المناسبة بين وصفهم بالعشا وبين ما في هذا الانتقال لوصفهم بالصم العمي